الخميس، 19 يوليو 2012

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ العشرون

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ التاسعة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الثامنة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ السابعة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ السادسة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الخامسة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الرابعة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الثالثة عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الثانية عشر

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الحادية عشر

الأربعاء، 18 يوليو 2012

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ العاشرة

الاثنين، 16 يوليو 2012

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ التاسعة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الثامنة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ السابعة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ السادسة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الخامسة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الرابعة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الحكمة الثالثة

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - بشكل مختصر على هيئة صورة - يمكن طباعتها والرجوع إليها بسهولة - شرح الحكمة ++ الثانية

شرح الحكم العطائية لابن عطاء الله السكندري - الحكمة الأولى - على صورة مختصرة يمكن الرجوع إليها وطباعتها في ورقة واحد للاستفادة منها .

السبت، 14 يوليو 2012

بشرى لأهل المصائب _ولن يغلب عسرٌ يسرين

يقول الله عزوجل في محكم تنزيله ( فإن مع العسر يسرا   إن مع العسر يسرا ) وذكر أهل العلم في تفسير الآية أن المعرفة إذا تكررت دلت على شيء واحد ، وأن النكرة إذا تكررت دلت كل واحدة على شيء مختلف ، والعسر في الآية جاء معرفا بأل فالعسر إذا واحد في الآيتين، أما اليسر فقد جاء نكرة بدون تعريف فدل ذلك على أن اليسر في الآية الأولى غير اليسر في الآية الثانية ، وبذلك بشرنا الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قرأ الآية فقال ( ولن يغلب عسرٌ يسرين ) .
مع العسر وليس بعده
ونحن نذكر المكروبين والمغمومين والمظلومين وكل من ابتلي بعسر نذكره بفرج الله عزوجل في القرآن وبشارة الرسول صلى الله عليه وسلم بعده بأنه لن يغلب عسرٌ يسرين ونخص بالتذكرة الدعاة الى الله عزوجل وما يلاقونه من عسر في طريق الدعوة الى الله عزوجل فنقول لهم أنتم أحق الناس وأولى الناس بهذه البشارة من الله عزوجل فأبشروا وأمّلوا  بالفرج القريب والعاجل لأن الله يقول فإن مع العسر يسرا ولم يقل فإن بعد العسر يسرا ،إذن فالفرج واليسر _ بل اليسرين _ يأتيان مع العسر مصاحبان له ولا يأتيان بعده  ولن يغلب عسر يسرين ، فمهما ضاقت السبل وانقطعت الحيل فانتظروا اليسر والفرج من الله ولن يخلف الله وعده ومن أصدق من الله قيلا .

ورحم الله القائل:
                         إذا ضاقت بك الدنيا           تأمل في ألم نشرح
                         فعسرٌ بين يسريـنِ            ففكر فيهما وافرح

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

مقال قديم كتب قبل عشر سنوات تقريبا عند إنشاء حزب العدالة والتنمية
مابين أربكان وأردوغان

الحركة الاسلامية في تركيا يعتبرها البعض نموذجا يستحق أن تعقد من أجله الندوات والمؤتمرات ، وهي تجربة فريدة مليئة بالدروس والفوائد .
ولعل أبرز التحولات التي شدت الانتباه هي اكتساح حزب العدالة والتنمية بقيادة أروغان _ التلميذ الأبرز للخوجة أربكان _ للساحة السياسية في تركيا بشكل لم يسبق له مثيل وكان بحق زلزالا سياسيا من الدرجة الأولى لم تشهده الساحة التركية منذ فترة طويلة
ويتحدث البعض عن خلافات بين اربكان وأردوغان أو بين تيارين في جسم الحركة الاسلامية أفرزت في نهايتها حزب العدالة والتنمية ، كما أن أربكان ألمح في مقابلاته عن تنازلات قدمها حزب العدالة والتنمية لبعض الأطراف مكنت له من هذا الاكتساح القوي
وبغض النظر عن الخلفية الحقيقية لماجرى ويجري  يستطيع العاقل أن يرى بعض الجوانب المفيدة في تجربة حزب العدالة والتنمية وإليك بعضا منها :
  1. لقد تميزت الحركة الاسلامية في تركيا بأنها اتخذت النهج السياسي منذ البداية طريقا لها وهذا لايعني إهمال التربية والدعوة بل كانت السياسة هي الواجهة الأبرز التي عمل الإسلاميون من خلالها وهم بذلك حموا أنفسهم بشكل كبير من التعددات التي أنهكت الحركات الاسلامية في الدول العربية ، كما أن المجال السياسي تختلف حساباته جذريا عن المجال الدعوي  فلا ينبغي أن نقارن العمل السياسي بالدعوي فكلاهما مختلف ، ومن المؤسف أن أقطاب العمل الدعوي في البلاد العربية من أجهل الناس بالعمل السياسي المؤثر والفاعل لذلك تجد من السهولة الالتفاف حولهم ومرواغتهم وخداعهم من قبل مختلف الأطراف وجرهم إلى معارك فكرية أو دموية أو غيرها تسنفد قواهم وتجعلهم يراوحون مكانهم إن لم يتقهقروا  وينكمشوا .
  2. ومما تتميز به الحركة الاسلامية في تركيا أنها لم تنجر أبدا إلى المواجهة العسكرية التي طالما رغبت كل الأطراف فيها لتصفية الاسلاميين ، وذلك بفضل الله أولا ثم بالحنكة السياسية وبعد النظر الذي تميزت به القيادات التي رأت أن دخول أي معركة لاتملك فيها عوامل النصر هي خسارة للمسلمين .
  3. لقد عانى أردوغان مثل أستاذه أربكان من القمع والسجن والتنكيل والحرمان من حقوقه السياسية وغيرها ولكنه فيما يبدو طور تجربة خاصة بنفسه من أبرز مراحلها إدراته لبلدية اسطنبول والتي حقق فيها انجازات هائلة جعلته يرى أن بامكانه تحقيق الكثير في مجالات أخرى مؤثرة بعيدة عن متناول المؤسسة العسكرية  فيما تجلت تجربة أستاذه أربكان كما يبدو من تاريخه في مراغمة المؤسسة العسكرية ومصاولتها  فكلما حظرت المؤسسة العسكرية حزبه ونشاطه عاد بعد فترة أخرى بثوب جديد أكثر قوة مما مضى ليقوم العسكر مرة أخرى بحظر حزبه وتفصيل الثياب القمعية على مقاسه لتقوم الحكومات العلمانية بخياطتها ...وقد استمرت تجربة أربكان في هذا الاطار ولم تخرج عنه  وكأنه كان يطمح أن يصل الى مرحلة لايتمكن فيها العسكر من حظر حزبه وأن يكتسحهم إلى الأبد ، ويبدو والله أعلم أن أردوغان الذي خاض المعارك مع أستاذه رأى أن الوقت سيطول في هذه المراغمة خاصة وأن العسكر قد فهموا اللعبة جيدا وضيقوا الخناق كثيرا فرأى أن هناك طريقا أخرى إلى النجاح تكمن في تغيير المعركة ونقل ساحتها إلى جوانب أخرى وتقديم بعض التنازلات التي لابد منها من باب أن الضرورات تبيح المحظورات وكل ذلك بغية الوصول الى وضع أفضل يمكن للاسلاميين أن يرتبوا أمورهم ويظهروا بصورة أفضل بدلا من الاجهاضات العسكرية المتكررة لانجازاتهم والتي تجعلهم كل مرة يعودون لنقطة الصفر .
  4. هذا الأسلوب الجديد اقتنع به أردوغان ومجموعة كبيرة من أمثاله ويتمثل في أفكار حزب العدالة والتنمية  فيما ظل الباقون على تفضيلهم للأسلوب القديم المتمثل في حزب السعادة  فحدثت ولادة جديدة ضمن أسرة الحركة الاسلامية في تركيا وليس بعيدا عنها ولابد لكل ولادة من مخاض ولابد لكل مخاض من ألم ( وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا )
  5. اكتسح حزب العدالة الساحة قبل حرب أمريكا على العراق وظهر جليا بعد ذلك أن أمريكا كانت ترغب بحكومة قوية في تركيا تمهيدا لاستخدام تركيا كقاعدة أساسية في احتلال العراق وظهرت أول المطالب أمام أردوغان وكانت امتحانا عسيرا له ولحكومته وتم تمرير القانون في البرلمان في المرة الثانية وبصعوبة ولكن الله أنقذه من براثن الأمريكان إذ انهار الجيش العراقي ولم يعد هناك حاجة لاستخدام الأراضي التركية من قبل الأمريكان كما أن النفط لم يتأثر كثيرا كما حصل في الحرب السابقة  وبذلك أنقذ الله حكومته من وضع اقتصادي كان سيصعب من مهمته لو حدث ، هذا في الظاهر أما إن كان أردوغان قد خدع الأمريكان وأظهر لهم قبول أمرهم مقابل أن يخففوا من قيود العسكر أمامه ليكتسح الساحة ثم ماطلهم وراوغهم حتى مرت الأزمة فذلك أمر ممكن وهو من مكرالله لعباده الصالحين والله على كل شيء قدير.
  6. إن التنازلات في الحياة السياسية ليست تهمة ولا منقصة بل هي من الحرب السياسية  والتاريخ الاسلامي حافل بها وحتى أربكان نفسه قدم تنازلات عندما كان في الحكم وأجبر على مقابلة وزراء اسرائيليين ووقع على صفقات بين تركيا واسرائيل أثناء حكمه ، فلا ينبغي الوقوف طويلا أمام ملف التنازلات فهو ملف حساس ومليء بالشروط والخفايا التي لايقدرها ولا يدركها سوى من قدم تلك التنازلات ومتى كانت الثقة موجودة في الشخصية التي اتخذت القرار انتفت مظنة السوء والاتهام لها بإذن الله والله أعلم بالسرائر .
  7. وظهر امتحان آخر أمام أرودغان وهو الملف القديم الجديد الانضمام لأوروبا  ويرى فيه البعض خطر ذوبان الاسلام في تركيا واضمحلاله ومثل هؤلاء ينبغي لهم أن يعيدوا النظر وأن يوسعوا أفقهم وأن يقرأوا التاريخ جيدا ليتعظوا ويعتبروا ، إن انضمام تركيا لأوروبا ضمان للاسلاميين فيها من بطش العسكر والقمع الظالم لهم وكبت الحريات ، ويمكن للاسلاميين أن يحققوا قفزات هائلة في ظل العدالة الاجتماعية والحريات التي توفرها الأنظمة الأوربية ، إن الأنظمة الأوربية أفضل مليون مرة من نظام العسكر في تركيا ومن أنظمة الدول العربية قاطبة ، ويظل هناك هامش من الخطر ولكن يمكن الحد منه والتخفيف منه  والأتراك يعيشون في المجتمعات الأوروبية  منذ عشرات السنين ولم يذبوا ولم يتأثروا كثيرا بل ظلوا محتفظين بهويتهم واسلامهم وألمانيا خير مثال ، ومن الغريب أن أوروبا تخاف من اكتساح الأتراك لها فهم مجتمع شاب بينما المجتمعات الأوربية أكثرها في حالة الشيخوخة وتركيا لديها من الامكانات المختلفة مايجعلها ثقلا لايستهان به فيما لو انضمت لأوروبا وهذا سيصب في مصلحة المسلمين في نهاية المطاف وهو ما تتوجس منه أوروبا شرا لذلك هي تعرقل انضمام تركيا لها.
  8. أما المشكلة القبرصية فأظنها على طريق الحل، ولماذا يقوم العالم كله بحل مشاكله مهما كانت شائكة  وتظل جراحاتنا دامية على مر السنين وتستنفد قوانا وطاقاتنا ولا يمكن حلها ؟  
  9. وقد أثارت تصريحات أردوغان في منتدى جدة الاقتصادي عن السوق الاسلامية المشتركة ردود فعل سلبية من المنادين بها ، ولو تأملوا تصريحات أرودغان جيدا لعلموا أنه على صواب ، إذ أن السوق التي تقوم على أساس ديني في الوقت الراهن لن يكتب لها النجاح فكل الدول العربية والاسلامية رهينة بالشرق أو الغرب ولا تملك من أمورها الهامة شيئا وكل الأنظمة التي تدعي الاسلام ليس لها منه نصيب الا الاسم في الغالب والسوق الاسلامية تحتاج الى اقتصاد اسلامي قوي وهو ماتفقده كل الدول الاسلامية  ، فأي نجاح يمكن أن يكتب لمثل هذه المشروعات في هذا الوقت ، إن أوروبا لم ينجح سوقها المشترك إلا بعد أن بنت معظم دولها اقتصادات قوية ولها ارادة سياسية مستقلة أمام في أوضاعنا الراهنة فهذا الكلام ليس له مكان من الأعراب في الوقت الحاضر  وهو مضيعة للجهود وماينبغي التفكير فيه حاليا بناء اقتصاد قوي وارادة مستقلة قوية عندها يمكن تطبيق مثل هذه الأفكار
  10. إن أرودغان داهية من دواهي السياسة أحسن أربكان تربيته وزودته التجارب بخبرة واسعة والله من قبل ذلك وبعده يتولاه بتوفيقه ، فلا ينبغي أن تفهم تصريحاته وأفعاله بتسرع فالرجل يسير في غابة الأشواك والأعداء وقد جرب كل ذلك وهو يحاول أن يحقق المكاسب على المستوى البعيد ويتجنب المواجهات التي ليست في صالحه حتى يأذن الله بتحول القوى ، كما أن التحديات التي ستواجهه كثيرة وصعبة ولكن المتأمل فيما واجهه من صعاب وكيف أعانه الله ويسرله تجاوزها يرجو من الله أن يستمر هذا التوفيق والتأييد له من الله ، ولئن كان البعض ينتقده ويرى فيه اعوجاجا فإن عقلاء المؤمنين وبعيدو النظر يرون فيه قائدا محنكا يحقق المسلمون على يديه أفضل المكاسب بإذن الله
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون
هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه

نظرات تحليلية لمجتمع المدينة المنورة _كتبت في 1426 هـ

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآاله وصحبه أجمعين :
من المسلمات الواضحات في عالم الحرية أن لكل شخص الحق في ابداء الرأي أيا كان كان هذه الرأي وهو مايسمى بحرية التعبير ، ومن ثم يخضع هذا الرأي للأخذ والرد والتدقيق والتمحيص وقد يقبل وقد لايقبل ، ومن هذا المنطلق أكتب هذه الأسطر من باب حرية التعبير .

كما أرجو ألا تسبب المصطلحات التي استخدمها أي حزازات أو عصبيات فهذه التسميات موجودة ومتداولة ولم أخترعها من عندي وأنا باستخدامي لها لا أقصد أي انتقاص أو تحقير لأحد كما قد يفهم بعض ضعاف العقول والنفوس ، وإنما استخدمها للدلالة على أمر معين أو وضع معين أو حالة معينة .


التحول الكبير

لقد شهد مجتمع المدينة المدينة المنورة تغييرا وتحولا كبيرا بل جذريا في بعض الجوانب وسيشهد في المستقبل تغييرات كبيرة هي في مرحلة التشكل والتكوين الآن ومن أبرز التغييرات الكبيرة والهائلة التي لاينكرها أحد التطور العمراني المادي فالمدينة القديمة أزيلت بكاملها من خارطة الوجود ( وهذا لم يحدث في أي مدينة تاريخية في العالم على حد علمي ) وحلت مكانها العمارات الشاهقة داخل مايسمى بالمنطقة المركزية  ولا شك أن التطور العمراني له تأثير وانعكاس على الجانب الفكري والاخلاقي ولكن هذا التأثير يستغرق وقتا أطول في الظهور إلى حيز الحياة الفعلية والعامة ، لأن التغيير في البيئة المادية في الوقت الحاضر سريع جدا فبالامكان اقامة حي كامل خلال أشهر ولكنك لاتستطيع تغيير أخلاق و أفكار مجموعة من الناس في نفس الزمن لأن عامل التغيير  يؤثر في الأخلاق والمجتمعات ببطء .

ولا أحد ينكر أن مجتمع المدينة قد تغير فكريا وأخلاقيا بشكل كبير وخلال عشرين سنة تقريبا وكان للتغيير العمراني دور كبير في ذلك
فمثلا في السابق كان أغلب سكان المدينة يسكنون في البيوت التي حــول الحرم ( المدينة القديمة ) وكان المسجد النبوي يحكم بدرجة كبيرة إيقاع الحياة والناس في تلك المنطقة ولاشك أن لذلك انعكاس كبير في أخلاقيات الناس وأفكارهم فحضور الصلوات في مسجد رسول الله وحضور الدروس وحلق العلم  ومشاهدة الحجيج والمعتمرين وصوم رمضان وما يصاحبه من إفطار في الحرم ودروس وصلاة التراويح والمظاهر الرمضانية وغيرها من أمور ترتبط بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك كان يصبغ الحياة في ( المدينة القديمة ) بعبق روحاني جميل .

أما الآن وبعد إزالة المدينة القديمة تبعثر سكان المدينة في مساحات شاسعة في المخططات الحديثة التي نشأت في السنوات الأخيرة والتي افتقدت بدرجة كبيرة ذلك الايقاع الروحاني الذي ارتبط بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبالتالي فقدت الحياة الاجتماعية صفة الارتباط بالمدينة وأصبح أهل المدينة كأنهم أناس عادييون يعيشون في أي مدينة عادية بل فقدت المدينة حرمتها في نفوس ساكنيها فأصبحت الموبقات والكبائر مما لايتورع بعض سكانها عن ارتكابه بل إنها شهدت مؤخرا حملا للسلاح والمتفجرات من قبل بعض أهل البغي ممن يسكن المدينة المنورة ويزعم أنه يدافع عن الاسلام  وهو لا يعرف لها حرمة ولا أمنا مما أوجد ردة فعل عند بعض أهل الخير والفضل  تمثلت في التنادي لإبراز فضل المدينة والتذكير بفضائلها والتأدب في سكناها ومعرفة حدودها وغير ذلك من أمور تهدف الى استعادة شيء من الحضور الوجداني للمدينة في قلوب ساكنيها .

ولقد فرض هدم المدينة القديمة وبعد المسافات والأحياء الجديدة فرض نمطا جديدا من أنماط الحياة أدى وسيؤدي الى تغييرات كبيرة في المستقبل ، ففي السابق كان أغلب السكان يتنقلون بأقدامهم وكانت وسائل المواصلات قليلة أما الآن فلم يعد بالامكان السير بالقدمين لبعد المسافات فكثرت السيارات ولهذا تأثير سلبي على الصحة من حيث التلوث ومن حيث قلة الحركة عند السكان بالاضافة الى مشكلات أخرى قد تقل وقد تكثر مثل الحوادث والدهس والتفحيط وغيرها من سلبيات ارتبطت بكثرة السيارات
كما أدى اتساع المسافات الى وجود أزمات من نوع آخر عند الأسر فتجد العائلة الواحدة تتوزع مصالح أفرادها على المدينة كلها فرب الأسرة يعمل في غرب المدينة وأبنائه يدرسون في شرقها وغربها وجنوبها وشمالها مما أدى الى الحاجة الى وجود سائقين وخدم وما الى ذلك  من أمور أوجدها هذا النمط الجديد من الأحياء السكنية وتباعد المسافات فأصبح جانب المواصلات يزداد تأثيره باستمرار على الحياة الاجتماعية ولعل آخر تأثيراته وليس نهايتها المطالبة بقيادة المرأة للسيارة باعتبار أن أغلب المدن تعاني نفس المشكلة وهكذا نجد التطور العمراني يرتبط بتطور فكري وثقافي وأخلاقي شئنا أم أبينا .
كما أن تباعد المسافات هذا أدى إلى قلة التواصل بين الناس ففي السابق كان بالإمكان زيارة عدد كبير من الناس في يوم واحد مثل الأعياد وما شابهها أم اليوم فأصبح من العسير فعل ذلك لبعد المسافات .

تغير التركيبة الاجتماعية

ومن الأمور التي ساعدت على هذه التغييرات الكبيرات في المدينة الكثافة السكانية العالية لمنطقة المدينة المنورة عموما فهناك الكثير من القرى حول المدينة  بخلاف المناطق الأخرى في المملكة وأغلب سكان هذه القرى تركوها وانتقلوا للعيش في المدينة لأسباب سأذكر بعضها مما أدى الى غلبة العنصر القبلي في الصبغة السكانية لمجتمع المدينة وهذه الحقيقة لا تخطئها العين فاذهب الى أقرب مدرسة أو مجمع طلابي واحصل على قائمة بأسماء الطلاب وستجد أن الكثرة الغالبة هم من أبناء القرى والقبائل التي تسكن حول المدينة ولا شك أن أبناء القرى والقبائل لهم لون من الحياة الاجتماعية والفكرية والثقافية يختلف بدرجة كبيرة عن مجتمع المدينة المنورة مما أدى الى اختلال كبير في النسيج الاخلاقي والفكري والثقافي في مجتمع المدينة المنورة

عوامل مساعدة

وهناك عوامل أخرى ساعدت على تغيير التركيبة السكانية والفكرية  في مجتمع المدينة وهي عوامل بطيئة التأثير صنعت هذا الوضع على مدى سنوات طويلة وهي كالتالي :

1-     شهدت المملكة تطورا عمرانيا كبيرا وتركز هذا التطور في الرياض وجدة والمنطقة الشرقية وهذا التطور يحتاج الى كفاءات متعلمة فبدأ استقطاب المتعلمين من كل مناطق المملكة وحظيت المدينة بنصيب الأسد فهاجر كثيرمن  أبنائها للعمل في جدة والرياض والشرقية  بل  إن أسرا  بأكملها تركت المدينة وانتقلت للعيش في جدة والرياض والشرقية ، ولاتكاد تجد حاليا عائلة من عوائل المدينة إلا ولديها ابن أو ابنة أو أكثر يسكنون أو يعملون أو يتعلمون خارج المدينة  وعلى مدى سنوات حصل تفريغ كبير للطبقة المتعلمة من مجتمع المدينة وتأثرت المدينة كثيرا بترك أبنائها لها  بينما لم تتأثر مكة الكرمة كثيرا  لقلة الكثافة السكانية حولها ولقرب المسافة بينها وبين جدة فأصبح بالامكان البقاء في مكة والعمل أو الدراسة في جدة  والتي كما ذكرنا من مراكز الاستقطاب في المملكة ويشهد على صحة هذا التحليل الضغط الهائل الذي يشهده طريق مكة جدة على مدار الساعة  لأن أغلب المجتمع يسكن مكة ويعمل أو يدرس في جدة.

2-     وفي الوقت نفسه بدأ  أبناء القرى والقبائل المحيطة بالمدينة  بالانتقال اليها لانعدام الخدمات أو التعليم  أو الوظائف في قراهم ، وبدأت هذه الأعداد تزداد يوما فيوم حتى أصبحت مدينة بحد ذاتها تقريبا ، ومنطقة طريق الجامعات أو الحرة الغربية عموما خير دليل حيث توجد كثافة سكانية عالية كلهم من أبناء القرى والقبائل التي انتقلت الى المدينة المنورة   

3-     كما أن خلو المدينة من التعليم الجامعي والمشاريع الصناعية الكبرى وفرص العمل جعلت الكثير من شباب المدينة يتركونها لتحصيل التعليم والكسب والتجارة وفي احصائية حديثة نشرت في شهر جماد الأول 1426هـ ذكر أن عدد المتتخرجين من طلاب الثانوية في المدينة 12000 اثنا عشر ألف طلاب بينما لايزيد عدد المقاعد الجامعية المتوفرة في المدينة المنورة على ثلاثة آلاف مقعد ، فإذا أضيف الى هذا العدد العاطلين من السنة الفائتة والتي قبلها أصبح الوضع مشجعا جدا على البحث عن طرق أخرى للتعلم والكسب  خارج المدينة ، كما أن مثل هذه الأعداد العاطلة عن العمل والتي لاتستطيع السفر خارج المدينة تغذي مشكلة البطالة وما ينتج عنها من مشكلات لاحصر لها .

4-     ولاشك أن اهمال القرى وخلوها  من التعليم والخدمات والوظائف ساهم بشكل كبير في ترك الناس لقراهم  وهجرتهم الى المدن  وهذه المشكلة تعاني منها كل مدن المملكة تقريبا حيث أصبحت المدن تكتظ بالسكان  والقرى مهجورة ، وقد أسهم سوء التخطيط والفساد المالي والإداري فيما يتعلق بالخدمات في القرى أسهم في تردي أوضاع القرى بشكل حاد مما غذى دوافع الانتقال للمدينة وجعلها تزداد باضطراد .

5-     وهناك عوامل تؤثر بشكل غير مباشر أو بدرجة أقل ولا يلتفت إليها البعض وهي مرتبطة بالجانب التعليمي حيث أن أغلب المقاعد الجامعية ارتبطت بالمعدلات العالية لشهادة الثانوية وبدأ التركيز على رفع المعدلات عند الطلاب يأخذ منحى تصاعدي وأصبح التعليم يشدد على قضايا الدرجات ومنحها للطلاب ، وهذا التشديد يقوى في المدن ويخف تأثيره في القرى  مما يعطي الفرصة الأكبر لأبناء القرى في الحصول على المقاعد الجامعية ومن ثم الوظائف ويحرم أبناء المدن من ذلك ويتجهون الى خارج مدينتهم للحصول على تعليم أو وظيفة ، وقد شاركت لعدة سنوات في القبول والتسجيل للمنشأة التعليمية التي أعمل فيها فوجدت أن أغلب المقبولين من المتقدمين هم من خارج المدينة المنورة بنسبة 80%  لأن القبول يعتمد على المعدل العالي وفي القرى هناك تساهل كبير في منح الطلاب درجات عالية لاتتفق أبدا مع المستوى الفعلي للطلاب وقد ظهر ذلك جليا في المقابلات الشخصية للطلاب المتقدمين حيث تجد أن معدل الطلاب امتياز فوق ال 90 % ومع ذلك لايستطيع أن يتكلم عدة جمل باللغة الانكليزية أو يكتبها ، وحدث ولا حرج عن الباقي .

6-     كما أن من الأسباب المهمة غياب ذلك التعلق الوجداني بالمدينة المنورة الذي كان يسكن قلوب السابقين والذي كان يدفعهم لتحمل الصعاب والمشاق فقط من أجل سكنى المدينة المنورة بينما الآن لا تجد ذلك التعلق الوجداني ولا صبرا على لأوائها وشدتها وحرها لذلك ما أن تلوح بوارق وظيفة أفضل أو رغد عيش أفضل أو حياة دنيوية أفضل حتى يركض أبناء المدينة ويتركوها ، بينما يتمنى الكثيرون في العالم الاسلامي لو عملوا في مجال النظافة وهم أصحاب شهادات ورتب عالية يتمنون لو عملوا في مجال النظافة ويسكنون المدينة المنورة

ولا يجب أن نغفل عوامل التطور الثقافي والانفتاح الاعلامي التي أسهمت بدورها في التغيير الفكري والثقافي للمجتمعات والتأثير في أخلاقياتها وسلوكها ، ولكن مما يؤسف له أن تفقد المدينة المنورة خصوصيتها الدينية والتاريخية وتصبح مجرد نسخة من المدن الحديثة وكأنه يراد لها أن تنسلخ من تاريخها وعراقتها لتصبح سوقا تجاريا ضخما للأثرياء والشركات وأصحاب الفنادق ويصبح كسب المال هو الهم الأوحد لمن فيها ولو كان ذلك على حساب الأخلاق والقيم
ويتحمل وزر ذلك المسؤولين في مختلف الأجهزة وأهل العلم والفكر فعليهم العبء الأكبر أمام الله عزوجل لأنهم يملكون من السلطة الفعلية والقولية مالا يملكه غيرهم .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون





كيف يخبو وهج الداعية ؟

يلاحظ المرء بين آونة وأخرى أن بعض الدعاة يخبو وهجهم ويذبل عطاءهم ويهزل انتاجهم بعد أن كانوا أصحاب وهج قوي وعطاء قوي وغزارة انتاج ، فما السبب ؟

الإجابة متشعبة وطويلة أذكر بعض النقاط حولها :

  1. تمر المجتمعات عبر الزمان بمراحل مختلفة تتطور فيها كل نواحي الحياة في المجتمع ومنها وسائل التلقي والتعليم والتربية وهذا من سنن الله في الكون أن يستمر التجدد والتغير في حياة البشر، فما كان يصلح في المجتمع القديم من خطاب لا يناسب المجتمع الحديث مجتمع الإنترنت والقنوات الفضائية والانفتاح الثقافي وهذا لايعني انتهاء مفعول الوسائل القديمة بل انحسار دورها مؤقتا أو لفترة قد تطول وقد تقصر، وبعض الدعاة لايفقه هذا التغير أو لايحب أن يفقهه فتراه يصر على وسائل قديمة لاتناسب المجتمع قل مفعولها وانتهى روادها فتكون النتيجة الطبيعية لأساليبه الجامدة أن يخبو وهجه ،كيف لا والله قد أرسل الرسل بلسان أقوامهم وفي هذا دلالة بليغة على وجوب مخاطبة كل مجتمع باللغة والوسيلة التي تناسبه ، فيما يستغل آخرون الوسائل الحديثة من الفضائيات والإنترنت وغيرها فتصل دعوتهم وأفكارهم إلى أصقاع بعيدة ومجتمعات لايعلم بها إلا الله ، وماذاك إلا أنهم علموا سنن الكون فعملوا بها ومن جد وجد .
  2. كما أن بعض الدعاة يكون في مقتبل أمره ودعوته واسع الإطلاع كثير التزود بالمعارف يغرف من كل بحر فتكون النتيجة الطبيعية له أن يزدهر إنتاجه وتتورق أشجاره ويزداد توهجا ويتفوق على غيره باعتبار أن حوضه مليء بشتى المعارف والثقافات والعلوم لذا فهو يستطيع أن يروي العدد الكبير على اختلاف أصنافهم واحتياجاتهم وهذه سنة الله في خلقه من جد وجد ومن زرع حصد ، ولكن مع مرور الزمن وكثرة المشاغل يسهو الداعية أو يغفل أو يتكاسل عن مصدر مهم من مصادر توهجه فيزهد في التزود بالثقافات والفنون وتجديد علومه ومعارفه والإطلاع على الجديد والمفيد ويحدث هذا على فترة من الزمن قد تقل وقد تكثر فتكون نهايته الطبيعة الذبول وخبو الوهج مثل المحرك الذي بدأ وقوده في النفاد .
  3. كما أن بعض الدعاة إذا حقق نجاحا وشهرة وأصبح له جمهور ومتابعين عندئذ قد يدخل نفسه شيء من العجب والغرور ويغفل عن حقيقة مهمته ودعوته فينصرف إلى تحصيل المجد والشهرة وهو لايشعر فتراه يحرص على إبراز نفسه وتصدر المجالس بحق أو بغيره مما يجعله يتآكل ويقتات على أمجاده وسمعته السابقة حتى يضمحل ويذوي نسأل الله العافية والسلامة .
  4. ويتوهج الداعية عندما يتواصل مع الناس ويعيش همومهم ويعبر عما في صدورهم ولكنه عندما يعيش في برج عاجي وينعزل عن الناس ويخاطب الناس بفوقية وتعالي عندئذ يخسر عاملا قويا ومهما من عوامل توهجه .
  5. وقبل كل ذلك وبعده يجب أن لا يغفل الداعية عن صلته بالله وأن لايركن إلى الأسباب بل يستحضر دائما صلته بالله عزوجل وأن الحول والقوة والتوفيق والنجاح من الله عزوجل قبل كل شيء ، فيحرص على زيادة الصلة بالله والتقرب إلى الله وإخلاص العمل لله ، وهذا أول وأهم أسباب توهج الداعية .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

كثرة الأعباء وضعف الإنتاج

تعاني بعض المؤسسات التربوية والدعوية  وغيرها من مرض عضال ينتشر ببطء ويؤثر على المستوى البعيد وتبدو ملامحه واضحة في كثرة الأعمال والأعباء التي يتحملها المسؤول الواحد في هذه المؤسسات وتتجلى في ضعف الانتاج وهزالة المجهود وتردي الأوضاع وانحدار المستوى وكثرة الفوضى والانتقادات وتبرم القيادات من النقد وغير ذلك .

وسبب المشكلة يبدأ من تزايد الأعباء والتكاليف التي هي نتاج طبيعي لكثرة الأعمال وازدياد مساحة العمل على الكفاءات الميدانية دون أن يكون هناك كفاءات إدارية تنضم للكفاءات الحالية لتواكب تلك الزيادة وتتحمل نصيبا منها ، ويرجع هذا الخلل ( عدم توفر كفاءات جديدة )


 أولا : إلى قصر نظر عند القيادات وعدم فهمها وإدراكها لخطورة إغراق الكفاءات الموجودة بأعمال ومسؤوليات تفوق قدراتها

 وثانيا : افتقار تلك المؤسسات إلى آلية عمل واقعية توفر لها باستمرار كفاءات تتولى الزيادة في العمل والتوسع فيه وأقول واقعية لأن البعض يزعم نظريا أنه لايعاني من هذه المشكلة وأن لديه هذه الآلية ولكن الواقع يقول شيئا آخر ؟!

وثالثا : افتقار تلك المؤسسات إلى نقد ذاتي حقيقي يبين لها الخلل بوضوح ويضع أمامها سبل العلاج وأقول حقيقي لأن هناك الكثير من النقد الذاتي الخادع الموجود في كل هذه المؤسسات والذي هو في الحقيقة مكياج لتجميل العيوب وليس طريقة لعلاجها 

 ورابعا : وجود نوع من الخوف وفقدان الثقة عند القيادات الحالية في إدخال كفاءات جديدة ربما تعكر صفو الأمور والأجواء عندهم ، إذ أن من السائد في مجتمعاتنا أن الكبار على اختلاف أصنافهم لايرغبون أبدا في أن يبدي الأقل منهم شأنا أي انتقاد أو تحفظ على مايفعلونه حتى وإن كان حقا إلا مارحم ربي .

وعندما تزداد الأعباء على الكفاءات الحالية يبطء انتاجها ويضعف ولكن بتسارع بطيء قد يستغرق سنوات ،  تماما مثل الحصان الذي يجر عربة فتربط به عربة أخرى ثم أخرى ثم أخرى حتى ينتهي الأمر بذلك الحصان القوي الذي كان يسابق الريح أن يزحف زحفا من كثرة العربات التي يجرها ويمكن لأي سلحفاة أن تسبقه عندئذ ، واللوم في ذلك ليس للحصان ولكن فيمن لم يدرك خطورة ربط العربات الكثيرة التي تفوق قدرة الحصان  وهذا يفسر تدهور عمل بعض المؤسسات الكبيرة التي كانت مزدهرة  في فترة من الفترات ثم بعد سنوات تفوقت عليها بعض المؤسسات الصغيرة التي تقل عنها عددا وعدة وخبرة.

إن أي عمل يكلف به الانسان يحتاج الى وقت لإنجازه بشكل جيد فالمدرس الذي يقوم بتدريس مئة طالب مثلا يحتاج الى وقت لتحضير مادته العلمية ويحتاج الى وقت لتعليم الطلاب والى وقت لتقويمهم وهكذا  فإذا لم نراع ذلك وكلفنا ذلك المدرس بألف طالب مثلا  فإنه بالقطع لن ينجز العمل بالشكل المطلوب وسيكون انتاجه ضعيفا ومترديا وهزيلا لأن المئة طالب كان سينال الواحد منهم 10% من اهتمام هذا المدرس  ولكننا عندما ضاعفنا له العدد أضعافا مضاعفة أصبح لكل طالب 1% من مجهوده فكيف يمكن لعاقل أن يتوقع خيرا لأولئك الطلاب من هذا المدرس المثقل ؟

وأمثال هذا المدرس كثيرون في هذه المؤسسات المريضة حيث تجد المسؤول الواحد وقد تحمل عشرات الأعمال التي تحتاج عدة أشخاص لأنجازها وهذا يدل على خلل آخر وهو عدم معرفة قدر النفس ( ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه ) فالعاقل يقبل بالعمل الذي يستطيع انجازه بشكل جيد ولا ينبغي له أن يقبل أعمالا وهو يعلم يقينا أنه لن يتسنى له الوقت لإعطائها حقها ولكنه مع ذلك يقبل تلك الأعمال إما جهلا منه بخطورة قبول العمل وعدم إعطاءه حقه أو أنه يقبل به تحت سيف الحياء من الرئيس الأعلى أو أنه يقبل به مضطرا لعدم وجود من يقوم به كما يجب أن لا ننسى أن البعض قد يقبل بالكثير من الأعمال من باب الفخر والرياسة والوجاهة والاشارة الى المواهب القيادية التي يملكها وإن كان لايصرح بذلك (وهذا من الأمراض القلبية التي لايدعي مؤمن أن في مأمن منها مهما كان مركزه وعلمه ) ...وفي كل الأحوال سيكون الضحية هو ناتج العمل

وإليك هذه القصة الواقعية :
(حدثني أحد العاملين في بعض المؤسسات التي تقدم  المساعدات للفقراء  فقال : كنت أقوم بانجاز الاوراق اللازمة لصرف المساعدات للفقراء وأجهزها حتى يعتمدها مدير المؤسسة الذي يحضر لعدة ساعات اسبوعيا فقط وذلك لكثرة أعباءه ومسؤولياته فيحضر في تلك الساعات ليعتمد الأوراق ثم ينصرف ولكن الذي يحدث أن ذلك المسؤول لكثرة مسؤولياته لايتمكن من الحضور في تلك الساعات المعدودة فيتأخر صرف المساعدات خمسة عشر يوما وإذا لم يتمكن في الاسبوع الذي يليه من الحضور زاد التأخير )

ولا أظن أن هذا المسؤول سيكون مسرورا بمسؤوليته عن تأخير هذه المساعدات لمستحقيها ولكنه قطعا يتحمل جزءا من المسؤولية عندما رضي أن يكلف بعمل وهو يعلم أو لا يعلم أنه لن يستطيع القيام  به على الشكل المطلوب .

إن الموظف المكلف بعمل واحد سيكون مجهوده 100% موجها لإنجاز عمله فإذا أضفت له عملا مماثلا ستنخفض النسبة الى 50% فإذا أضفت عملا ثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابعا ستنخفض النسبة حتى تصل الى 5% أو أقل
 وإن لمن غير المعقول أن يطلب من موظف هذا حاله أن يحقق نتائج جيدة أو لايكون سببا في انحدار العمل وكثرة الانتقادات .

وللأسف أن بعض أصحاب القرار في هذه المؤسسات يكابرون أمام هذه الحقائق ويلتفون حولها ويبرورن الانتقادات الموجهة لهم بالضعف وانحدار المستوى بتكاسل العاملين وعدم جديتهم وضعف عزائمهم وما إلى ذلك من كلام لايصلح الخلل بقدر مايتسبب في التعامي عن الخلل وإطالة المشكلة وتفاقمها .


وإنه لمن الحري بالعاقل إذا وجه له انتقاد أن يتأكد هل هذا الانتقاد حق ؟ وأن يفعل ذلك بشفافية حقيقية وليس خداعا للنفس ، فإذا تبين له أن الأمر حق سارع إلى تدارك الأمر وعلاجه  وهذا هو ديدن المؤمنين الصالحين ورحم الله القائل ( رحم الله امرءا أهدى إلي عيوبي ) أما المكابرة وازدراء المنتقد والبحث عن توجيه انتقاد مماثل له وغير ذلك من أساليب رخيصة فهذا مما لايقدم علاجا فضلا عن أنه لايليق بشخص قد وضع نفسه في موقع التكليف والمسؤولية
هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون


فقه المال المفقود

يعتبرالمال من الركائز الأساسية التي تقوم عليها الأديان والدعوات ولو تأملنا شرائع الاسلام لوجدنا جزءا كبيرا منها يتعلق بالمال
ولكن المتأمل في واقع الحركات الاسلامية اليوم يجد غيابا واسعا لهذا الجانب وعدم الاهتمام به الا مارحم ربي وإن كان هناك اهتمام فهو جزئي وغير ناتج عن دراسة واستراتيجية  وبالتالي يتسبب ذلك على المستوى القريب والبعيد في متاعب كثيرة لاحصر لها فالمال عصب الحياة ومن لايملك المال ستغلق أمامه الكثير من الأبواب وهناك أبواب للخير لايفتحها إلا المال ، كما أن هناك أبوابا للشر يمكن للمال أن يخمدها بكل سهولة حين لاتفلح الأساليب الأخرى وتأمل كيف استطاع عثمان بن عفان أن ينقذ المسلمين من براثن اليهودي الذي كان يستغل بئر الماء العذب الذي يملكه فيبيعه لهم بأغلى الأسعار فشاركه عثمان في البئر  عندما رفض اليهودي بيعه ثم جعل يومه مجانا للمسلمين فبارت سوق اليهودي فباعه البئر كلها فجعلها عثمان في سبيل الله ، فانظر رعاك الله كيف خدم بماله المسلمين حيث لاينفع إلا المال ، وكيف بنا اليوم لو أعاد الكرة أحد أغنياء المسلمين وما أكثرهم فاشترى بعضا من وسائل الاعلام الهدامة الناطقة بالعربية وحولها منبرا لهداية الناس أو على الأقل كفى المسلمين بلاءها وشرورها ....وأمثال هذه المشروعات كثير لو كان لها رجال يفكرون ويستغلون الفرص ويبذلون .

وانظر الى الحركات الصهيونية كيف وظفت المال لصناعة مجد الصهاينة ونجحت في ذلك نجاحا كبيرا ويكفي أن نأخذ الجانب الاعلامي ونرى كيف يسيطر اليهود عليه من خلال امتلاكهم لأكبر الشركات الاعلامية في العالم ومن ثم يفرضوا سياساتهم فرضا ، وانظر كيف يتم ابتزاز وسائل الاعلام عن طريق الاعلان فيها وسحب الاعلانات في حال مناهضتها للصهيونية وغيرها وغيرها من وسائل فعالة ومؤثرة كلها تعتمد على استثمار المال وسطوته وتأثيره في المجتمعات .

ومن المؤلم أن لاتجد صدى كبيرا للمال وطرق استخدامه في خدمة الدعوات والأفكار عند الحركات الاسلامية وإن كان هناك اهتمام نظري عند البعض فإن لسان الحال يقول غير ذلك ، وإنه لمن ضيق الأفق وعطن الفكر أن يغيب استخدام المال في خدمة الدعوات والأفكار .

ولو أردنا مثالا واقعيا فلننظر للمذهب الشيعي وكيف يمثل الجانب المالي فيه وأبرزه مايسمى( الخمس ) ركنا مهما في إزدهار المذهب الشيعي ويمد رموزه بقوة فاعلة في المجتمع تمكنهم من تمرير أفكارهم وسياساتهم ودعم أتباعهم وتوفير متطلباتهم وقت الضرورة ، وانظر كيف تمكن حزب الله من الوقوف في وجه اسرائيل ومن خلفها أمريكا ووفر السلاح والعتاد وغيره من مستلزمات المواجهة دون دعم يذكر من الدول العربية والاسلامية ، بينما كانت الحركات الاسلامية في أفغانستان ترسل الوفود تلو الوفود لجلب المساعدات والأموال ومن ثم استخدمت تلك المساعدات فيما بعد للضغط والتأثير على تلك الحركات وابتزازها وإفشال أمرها ...وما الحركات الاسلامية في فلسطين عنا ببعيد.

ولاحاجة بنا للإستطراد في هذا الجانب لأن العاقل يستطيع أن يرى بسهولة الأهمية الكبرى للمال في خدمة الدعوات والأفكار وإنه لحري بالحركات الاسلامية أن تجعل للاهتمام بالمال جزءا كبيرا من اهتماماتها وأولوياتها وأن تعلم أفرادها على التعامل بالدرهم والدينار وأن ذلك ليس من باب طلب الدنيا وزخرفها بل من باب تسخير المال لخدمة الدين وأن تهتم بالمشاريع التجارية الصغيرة والكبيرة عند أفرادها  وأن تخصص أفرادا أو مجموعات ينصب اهتمامها على تسخير المال في خدمة الدعوات والبحث عن أفضل السبل المشروعة لذلك واستنباطها واستلهامها من تاريخنا المشرق .

وسأتحدث عن مشروع بسيط أعتبره مثالا لما يمكن أن يسمى بالدعوة المالية (  مؤسسة تربوية دعوية لديها مجموعة كبيرة من المعلمين وأغلبهم يبحث عن فرصة لايجاد مسكن يمتلكه شأنهم شأن كافة شرائح المجتمع ، هذه المؤسسة تبنت هذا المطلب وحولته الى مشروع متعدد الفوائد والى استثمار دعوي مالي ، فوفرت مبلغا من المال من بعض المتبرعين واشترت مخططا وبنت مساكن لأولئك المعلمين وباعتها لهم نقدا أو بالتقسيط وحققت بذلك فوائد لاتحصى

  1. فهي أولا تبنت مطالب هؤلاء المعلمين المنتمين لها وأعانتهم على أعباء الحياة مما يقوي انتماءهم لها ويزيده قوة
  2. كما أسهمت في بناء مجتمع صغير صالح قابل للنمو والتطور ، إذ أن الحي الذي أغلب سكانه من المعلمين سيكون ولا شك على مستوى أخلاقي وتربوي كبير بحيث يعتبر محضنا للفضيلة والتربية
  3. وهي لم تخسر من الجانب المالي بل استثمرت المال في بناء المجتمع الصالح واستردت كل مادفعته من أموال وبجانبها أرباح معقولة أيضا .
  4. كما أن هذا المجتمع الصغير الذي رعته وأنشأته سيكون بيئة صالحة لتكوين نشء صالح وعوائل صالحة وبيئة صالحة مما يكون على المستوى البعيد مجتمعا صالحا .
  5. ويمكنها بعد فترة تكوين مجتمع آخر وآخر ....وهكذا على المستوى البعيد سينعكس ذلك إيجابا على المجتمع كله وستكون هذه المؤسسة قد قدمت للمجتمع خدمة لاتقدر بثمن مما يكسبها قوة وتقديرا بإذن الله تعالى ، لأن مثل هذه المشروعات هي التي تصنع مصداقية المؤسسات الدعوية والتربوية على أرض الواقع وليس مجرد الكلام والكتب والمحاضرات .

هذه فكرة بسيطة مأمونة الجوانب بإذن الله إذا أحسن تخطيطها وتنفيذها بل فيها ربح كما أنها تحقق فوائد لاحصر لها في دين الناس ودنياهم وتمثل تطبيقا عمليا للمؤسسات التربوية والدعوية التي ترغب في نفع البلاد والعباد  .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه


والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

التفوق الفكري عند الدعاة بين المد والجزر
(عندما يتفوق العوام)

من الأمور الهامة في استمرارية كل التيارات الفكرية والاجتماعية والسياسية والدعوية وغيرها أن يكون لديها خلفية واضحة عن تطور المجتمعات التي تعيش فيها في كل النواحي الفكرية والاجتماعية والثقافية وغيرها ومقدار التقدم أو التأخر في كل جانب ، وتأتي هذه الاهمية لسبب بسيط وبدهي وهو أن المجتمع عموما هو مجال عمل كل التيارات وأي متغير في حياة المجتمع سينعكس سلبا أو ايجابا على المجتمع ويدخل سريعا أو بعد فترة قد تطول وقد تقصر إلى حيز التطبيق الفعلي في سلوك المجتمع اليومي ، فمن كان على اطلاع واضح عن أسباب وخلفيات هذا المتغير في حياة المجتمع أمكنه أن يتعامل أو يتفاعل مع هذا المتغير وأن يستخدمه لصالحه أو يستغله في تسويق أفكاره وبرامجه أو يعد العدة لاحتوائه وما شابه ذلك ، أما من فاجأه المتغير بالظهور دون أن يكون على رصد واطلاع صحيح و واضح له من قبل فإنه سيضرب أخماسا وأسداسا وسيرتبك وتتناثر أوراقه وتتعثر خطواته وتضيع جهوده ويتخلف عن الركب شاء أم أبى .

إزدياد المد الثقافي والفكري في المجتمعات

ومن المتغيرات المهمة التي تتفاعل اليوم في مجتمعاتنا أن عامة الناس والتي تمثل الطبقة الأكثر عددا في كل مجتمع أصبح لديها وعي ثقافي وفكري متنامي بسبب ما أحدثته ثورة الاتصالات والاعلام المفتوح وأطباق الاستقبال والانترنت وغيرها من تغيير جذري كما ونوعا في حجم ونوع البرامج والاخبار والتحليلات السياسية والتغطيات المباشرة للأحداث والطرح الفكري والحواري المتنوع  وغيرها مما أعطى زخما هائلا في حياة المجتمعات الفكرية والثقافية والاعلامية ، وهذا الزخم الفكري والثقافي المتنامي سيكون له تأثير واضح على المجتمعات عموما ولا بد عندئذ من تغيير في نوع الخطاب والدعوة إلى الأفكار بمايتناسب مع هذا المتغير الجديد .

وقد بدأ هذا الزخم ينعكس على حياة العامة فأصبحوا على وجه العموم أكثر وعيا والتصاقا ومعايشة للأحداث وبدأ الميزان يميل لصالحهم وبدأ بعض العوام – حاليا- يتفوق على بعض المثقفين والمفكرين في وعيه وإدراكه وحسن فهمه للأحداث والتطورات التي نعيشها اليوم ، والسبب في ذلك أن بعض التيارات الثقافية والفكرية انعزلت طوعا أو كرها عن هذه الثورة الثقافية والاعلامية التي يشهدها العالم أو تعاملت معها في أضيق الحدود أو بشكل ساذج لايعكس اهتماما أو تقديرا واعيا ومنصفا لحجم التأثير الذي يمكن أن تصنعه هذه الثورة الاعلامية  في حياة الناس وسلوكهم كما أن البعض الآخر أهمل الاستفادة من هذه الثورة الثقافية والاعلامية ولم يعد العدة لاستغلالها في مجال توضيح المباديء ونشر الأفكار وتصحيحها أو استغلها بشكل ضعيف لايمثل 10% من الاستغلال الفعلي والامكانات الحقيقية المتوفرة في ثناياها

موطن الداء والخلل

ومن هنا جاء الخلل ، فالعامي لديها بحر هائل من البرامج والأخبار والتحليلات والحوارات والتغطيات المباشرة للأحداث - سواء عن طريق الانترنت أو الفضائيات أو غيرها مما جد وسيجد على الساحة - يغرف منها كما يشاء باختياره أو تقتحم عليه عالمه وبيته وفكره ، أما المثقف الجامد فلا زال يظن أن الأمور كما هي وأن التفوق القديم الذي أحرزه لايزال ساري المفعول وأن سلم التفوق لازال في صالحه ...بينما الأمور على ارض الواقع تتحدث بغير ذلك .

واذا استمرت الأمور على ماهي عليه سيأتي اليوم الذي يصبح فيه عوام الناس متفوقون بفارق ليس بالقليل على المثقفين والمفكرين الذين أهملوا فهم هذه المتغيرات الجديدة ولم يقدروها قدرها ولم يحسنوا الاستفادة منها ولا التعامل معها ولا استغلوها الاستغلال الأمثل .

وتفوق العوام لن يكون بأن يصبح العوام أساتذة ومفكرين يلقون محاضرات أو يكتبون مقالات أو ماشابه ذلك كما قد يتصور بعض السذج ، ولكن تفوقهم سيأخذ شكلا غاية في البساطة وهو أنهم سيكونون أدرى بالحقائق والوقائع  وبشكل صحيح أكثر من غيرهم وسيكون فهمهم للأحداث والحياة عموما أكثر صدقا وواقعية ممن سيأتي ليحدثهم عن أخبار قديمة أو أحداث منتهية أو يقدم لهم تحليلات تفتقد للواقعية وللمصداقية قبل ذلك ، وعندها يفقد المثقف والمفكر الجامد عاملا مهما من عوامل تفوقه إن لم يكن أهمها على الاطلاق .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه


والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

سنوات الضياع في الاعلام الاسلامي؟؟؟
(كتبت مع بداية رمضان 1430هـ)
 شاهد الجميع ما أثاره عرض المسلسل التركي سنوات الضياع ومسلسل نور وغيره من المسلسلات التركية المدبلجة من زوبعة اجتماعية واعلامية على عدة مستويات في مختلف الشرائح وفي مختلف الدول .
وبهذه المناسبة وما سيشهده رمضان المقبل من سوق إعلامي ضخم أو قل معرض إعلامي كبير وما سيحدثه من موجة إعلامية كبيرة ستكتسح مجتمعاتنا اكتساحا شئنا أم أبينا  أحببت أن أشارك بهذه الدراسة المتواضعة عن الاعلام الاسلامي واعتبر نفسي أحد المهتمين بالاعلام لما يزيد على العشرين عاما .
الاعلام لغة العصر ولسان القوم الذي ينبغي أن يخاطبوا به تمشيا مع سنن الله في الكون ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه )
إن ملف الاعلام الاسلامي مليء بالحسرات شأنه شأن الملفات الأخرى المهمة التي أهملها تيار الصحوة كالاقتصاد مثلا وذاك لضعف تعاطي القيادات مع هذه الملفات بالدرجة الأولى ويمكن لأي باحث أن يلاحظ ظلال هذا الإهمال غيابا واضحا في قيادة الاعلام حيث لايوجد للتيار الاسلامي تأثير واضح في هذا الزخم الاعلامي الكبير الذي تشهده الساحة الاعلامية في حياتنا ماعدا بالطبع مقالات الشجب والاستنكار لتأثير الاعلام والمسلسلات والأفلام والخطب والمحاضرات في التحذير من الأطباق الفضائية وخطورة القنوات وتحريم استعمالها ...الى آخر المد الوعظي العنيف الذي برع فيه وأجاده ولم يحسن شيئا غيره على أرض الواقع ...وترك التعاطي العملي والفعل المؤثر على أرض الواقع لكل حاقد وجاهل وطامع وفاسد ....هذا جانب من ظلال الاهمال
والجانب الآخر هو أننا حين تدارك فريق منا القصور الاعلامي وأراد أن يخوض المنافسة والمشاركة وجد القوم قد سبقوه بأعوام عديدة وأزمنة مديدة وأن رصيد الخبرة الفعلية بيننا وبينهم كبير جدا يصعب تداركه إلا بشق الأنفس ( وكمثال على ذلك تحتفل شركة قناة فوكس هذه الأيام بمرور مئة عام على انتاج أول أعمالها السينمائية وبهذه المناسبة خصصت قناة فضائية  موجهة للعالم العربي لعرض مختارات من انتاجها بينما أكبر تجربة فعلية للاعلام الاسلامي لاتتعدى عشرة أو عشرين سنة على أبعد تقدير مع فارق كبير جدا في نوعية البرامج ومستواها الفني والتقني )
ولو تأملنا أفضل النماذج الموجودة للاعلام الاسلامي لوجدنا أقدمها قناة اقرأ ثم قنوات المجد ثم قناة الرسالة ثم قناة الحوار مع بضع قنوات أخرى متنوعة ولكن ليس لها ذلك الانتشار الكبير  ولو أردنا أن نتحدث عن هذه القنوات من خلال التنظيم والاعداد لوجدنا قناة المجد في الصدارة بدون منازع وتمثل في هذا الجانب نموذجا يحتذى حيث قامت بانشاء مؤسسة اعلامية متكاملة الجوانب ماليا وإداريا وخاضت المنافسة وحققت نجاحات كبيرة وهائلة على مستوى شريحة المتدينين وهذه نقطة مهمة يجب التنبه لها فنجاح قناة المجد من أهم أسبابه أنها اقتحمت شريحة كبيرة كانت لاتتعامل مع الاعلام أصلا وترى أن التلفزيون والقنوات الفضائية من الشرور والآثام  فاستطاعت القناة أن تقدم لهم نموذجا منضبطا بأفكارهم ويراعي تخوفاتهم فحققت بذلك نجاحا منقطع النظير على مستوى شريحة المتدينين وهي شريحة كبيرة ولا شك ولكن على مستوى المنافسة مع القنوات العامة الأخرى بشكل عام مستواها أقل من المتوسط وأقرب إلى الضعيف .
أما قناة اقرأ أقدم القنوات الاسلامية وأولها بثا فالتجربة فيها مختلفة حيث هي جزء من منظومة إعلامية كبيرة فيها الكثير من الفساد وهذه المنظومات الاعلامية كما هو معلوم تحاول أن تستقطب كل الشرائح بما فيها شريحة المتدينين فهي تقدم لكل شريحة قناة وكان نصيب المتدينين قناة اقرأ وليس هذا تقليلا من شأنها ولكن حتى لا نحملها أكثر مما تحتمل وليعلم أن قرارتها المصيرية رهن بالمنظومة الكبيرة وليست ملكا لإدارتها فقط لذلك هي تحاول المنافسة في السباق في ضوء امكاناتها والمتاح لها وقد قدمت نتائج طيبة ولكنها لم تتجاوز المستوى المتوسط فلازال أداؤها متواضعا ولعل من أهم أسباب ذلك أنها جزء من منظومة كبيرة وبالتالي فهي لاتملك الكثير من الخيارات أو المساحات لتتحرك من خلالها وهذا من مساوىء العمل في كيانات كبيرة لاتتبنى الفكرة أصلا حيث يظل المشروع أسير التمويل والقرار النهائي.
أما قناة الرسالة فهي تجربة شبيهة بقناة اقرأ إذ هي جزء من منظومة إعلامية كبيرة فيها الكثير من الفساد أيضا وهي تخصص لكل شريحة ما يناسبها وكان نصيب المتدينين فيها قناة الرسالة ولكن يبدو أن القائمين على قناة الرسالة استفادوا إلى حدما من تجربة قناة اقرأ فحاولوا الحصول على أكبر هامش يمكن أن يحصلوا عليه للتحرك واتخاذ القرار ضمن المنظومة الاعلامية الأكبر ... وقد انعكس ذلك جليا على أداء القناة حيث استطاعت خلال عدة سنوات أن ترتقي بقدراتها وبرامجها حتى أصبحت من وجهة نظري على رأس قائمة القنوات الاسلامية من حيث المنافسة مع القنوات الأخرى أما من ناحية الاعداد والتنظيم فهي مثل قناة اقرأ رهينة التمويل والقرار النهائي إلى حدما .
ولو قدر لقناة الرسالة أن تكون مؤسسة اعلامية متكاملة مستقلة كقناة المجد لاكتسحت ساحة الاعلام بكل اقتدار ونافست فيه بجدارة  وما ذلك على الله بعزيز .
أما قناة الحوار فهي الفارس القادم بقوة من بلاد الغرب وسيكون لها شأن كبير إذا لم تقتلعها يد الظالمين وتغلق أمامها الأبواب والأجواء  ومن أهم ميزاتها الحرية الكبيرة التي تتمتع بها في إدارتها وفي برامجها الحوارية والفكرية ولكن يبدو أن عقبة التمويل هي العقبة الأكبر في طريقها وهذه العقبة هي ظلال لاهمال الجانب الاقتصادي عند قيادات الصحوة الذي يظل عاجزا عن فهم فقه المال وحيازته ليكون جنديا يخدم الدعوة حينما يتطلب الوضع ذلك .......وعلى العموم سيكون لهذه القناة تأثير كبير ولنترك الأيام تثبت صحة هذه النظرة .
 وهناك مجموعة من القنوات الاسلامية الأخرى حديثة الولادة وأغلبها عبارة عن محاضرات ودروس ومحاضرت ثم كلمات وخطب ثم محاضرات وندوات.......الخ هذا هو الاعلام في نظرهم ومثل هذه القنوات ستختفي عاجلا أم آجلا .
ولعل المرء يعجب كيف استطاع هؤلاء الحصول على قناة فضائية والجواب أن الاعلام في السابق كان مكلفا جدا إذ كان انشاء محطة فضائية يحتاج لعشرات الملايين من الدولارات أما اليوم ومع التقدم الهائل في مجال البث والاتصالات فبامكانك الحصول على قناة فضائية لمدة سنة في حدود مئتي ألف دولار وما عليك سوى تجهيز البرامج والكوادر وهنا بيت القصيد والداء الذي أعيا الطبيب المداويا
فعندما فتح الاعلام أبوابه للجميع لم يجد الاسلاميين كوادر متخصصة ليزجوا بها في سباق الاعلام المفتوح على مصراعيه وهم في ذلك يدفعون ثمن إهمالهم والقيادات منهم على وجه الخصوص لهذا الجانب وبامكانك أن تلاحظ المستوى الهزيل والضعيف للبرامج التي تقدم في هذه القنوات التي دخل أصحابها السباق وهم ليسوا أهلا له فلم يجدوا مايقدمونه في قنواتهم سوى المحاضرات والخطب والمحاضرات ولا شي غير ذلك وهذا ليس تقليلا من شأن الخطب والمحاضرات ولكن لكل مقام مقال .
وعموما للتاريخ فصولا لم يكتبها وكلمة لم يقلها في تعاطي الصحوة الاسلامية مع الاعلام أهم أسلحة التأثير الشامل في عصرنا الحاضر والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه

                          والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون