السبت، 14 يوليو 2012

فقه المال المفقود

يعتبرالمال من الركائز الأساسية التي تقوم عليها الأديان والدعوات ولو تأملنا شرائع الاسلام لوجدنا جزءا كبيرا منها يتعلق بالمال
ولكن المتأمل في واقع الحركات الاسلامية اليوم يجد غيابا واسعا لهذا الجانب وعدم الاهتمام به الا مارحم ربي وإن كان هناك اهتمام فهو جزئي وغير ناتج عن دراسة واستراتيجية  وبالتالي يتسبب ذلك على المستوى القريب والبعيد في متاعب كثيرة لاحصر لها فالمال عصب الحياة ومن لايملك المال ستغلق أمامه الكثير من الأبواب وهناك أبواب للخير لايفتحها إلا المال ، كما أن هناك أبوابا للشر يمكن للمال أن يخمدها بكل سهولة حين لاتفلح الأساليب الأخرى وتأمل كيف استطاع عثمان بن عفان أن ينقذ المسلمين من براثن اليهودي الذي كان يستغل بئر الماء العذب الذي يملكه فيبيعه لهم بأغلى الأسعار فشاركه عثمان في البئر  عندما رفض اليهودي بيعه ثم جعل يومه مجانا للمسلمين فبارت سوق اليهودي فباعه البئر كلها فجعلها عثمان في سبيل الله ، فانظر رعاك الله كيف خدم بماله المسلمين حيث لاينفع إلا المال ، وكيف بنا اليوم لو أعاد الكرة أحد أغنياء المسلمين وما أكثرهم فاشترى بعضا من وسائل الاعلام الهدامة الناطقة بالعربية وحولها منبرا لهداية الناس أو على الأقل كفى المسلمين بلاءها وشرورها ....وأمثال هذه المشروعات كثير لو كان لها رجال يفكرون ويستغلون الفرص ويبذلون .

وانظر الى الحركات الصهيونية كيف وظفت المال لصناعة مجد الصهاينة ونجحت في ذلك نجاحا كبيرا ويكفي أن نأخذ الجانب الاعلامي ونرى كيف يسيطر اليهود عليه من خلال امتلاكهم لأكبر الشركات الاعلامية في العالم ومن ثم يفرضوا سياساتهم فرضا ، وانظر كيف يتم ابتزاز وسائل الاعلام عن طريق الاعلان فيها وسحب الاعلانات في حال مناهضتها للصهيونية وغيرها وغيرها من وسائل فعالة ومؤثرة كلها تعتمد على استثمار المال وسطوته وتأثيره في المجتمعات .

ومن المؤلم أن لاتجد صدى كبيرا للمال وطرق استخدامه في خدمة الدعوات والأفكار عند الحركات الاسلامية وإن كان هناك اهتمام نظري عند البعض فإن لسان الحال يقول غير ذلك ، وإنه لمن ضيق الأفق وعطن الفكر أن يغيب استخدام المال في خدمة الدعوات والأفكار .

ولو أردنا مثالا واقعيا فلننظر للمذهب الشيعي وكيف يمثل الجانب المالي فيه وأبرزه مايسمى( الخمس ) ركنا مهما في إزدهار المذهب الشيعي ويمد رموزه بقوة فاعلة في المجتمع تمكنهم من تمرير أفكارهم وسياساتهم ودعم أتباعهم وتوفير متطلباتهم وقت الضرورة ، وانظر كيف تمكن حزب الله من الوقوف في وجه اسرائيل ومن خلفها أمريكا ووفر السلاح والعتاد وغيره من مستلزمات المواجهة دون دعم يذكر من الدول العربية والاسلامية ، بينما كانت الحركات الاسلامية في أفغانستان ترسل الوفود تلو الوفود لجلب المساعدات والأموال ومن ثم استخدمت تلك المساعدات فيما بعد للضغط والتأثير على تلك الحركات وابتزازها وإفشال أمرها ...وما الحركات الاسلامية في فلسطين عنا ببعيد.

ولاحاجة بنا للإستطراد في هذا الجانب لأن العاقل يستطيع أن يرى بسهولة الأهمية الكبرى للمال في خدمة الدعوات والأفكار وإنه لحري بالحركات الاسلامية أن تجعل للاهتمام بالمال جزءا كبيرا من اهتماماتها وأولوياتها وأن تعلم أفرادها على التعامل بالدرهم والدينار وأن ذلك ليس من باب طلب الدنيا وزخرفها بل من باب تسخير المال لخدمة الدين وأن تهتم بالمشاريع التجارية الصغيرة والكبيرة عند أفرادها  وأن تخصص أفرادا أو مجموعات ينصب اهتمامها على تسخير المال في خدمة الدعوات والبحث عن أفضل السبل المشروعة لذلك واستنباطها واستلهامها من تاريخنا المشرق .

وسأتحدث عن مشروع بسيط أعتبره مثالا لما يمكن أن يسمى بالدعوة المالية (  مؤسسة تربوية دعوية لديها مجموعة كبيرة من المعلمين وأغلبهم يبحث عن فرصة لايجاد مسكن يمتلكه شأنهم شأن كافة شرائح المجتمع ، هذه المؤسسة تبنت هذا المطلب وحولته الى مشروع متعدد الفوائد والى استثمار دعوي مالي ، فوفرت مبلغا من المال من بعض المتبرعين واشترت مخططا وبنت مساكن لأولئك المعلمين وباعتها لهم نقدا أو بالتقسيط وحققت بذلك فوائد لاتحصى

  1. فهي أولا تبنت مطالب هؤلاء المعلمين المنتمين لها وأعانتهم على أعباء الحياة مما يقوي انتماءهم لها ويزيده قوة
  2. كما أسهمت في بناء مجتمع صغير صالح قابل للنمو والتطور ، إذ أن الحي الذي أغلب سكانه من المعلمين سيكون ولا شك على مستوى أخلاقي وتربوي كبير بحيث يعتبر محضنا للفضيلة والتربية
  3. وهي لم تخسر من الجانب المالي بل استثمرت المال في بناء المجتمع الصالح واستردت كل مادفعته من أموال وبجانبها أرباح معقولة أيضا .
  4. كما أن هذا المجتمع الصغير الذي رعته وأنشأته سيكون بيئة صالحة لتكوين نشء صالح وعوائل صالحة وبيئة صالحة مما يكون على المستوى البعيد مجتمعا صالحا .
  5. ويمكنها بعد فترة تكوين مجتمع آخر وآخر ....وهكذا على المستوى البعيد سينعكس ذلك إيجابا على المجتمع كله وستكون هذه المؤسسة قد قدمت للمجتمع خدمة لاتقدر بثمن مما يكسبها قوة وتقديرا بإذن الله تعالى ، لأن مثل هذه المشروعات هي التي تصنع مصداقية المؤسسات الدعوية والتربوية على أرض الواقع وليس مجرد الكلام والكتب والمحاضرات .

هذه فكرة بسيطة مأمونة الجوانب بإذن الله إذا أحسن تخطيطها وتنفيذها بل فيها ربح كما أنها تحقق فوائد لاحصر لها في دين الناس ودنياهم وتمثل تطبيقا عمليا للمؤسسات التربوية والدعوية التي ترغب في نفع البلاد والعباد  .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه


والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية