سنوات الضياع في الاعلام الاسلامي؟؟؟
(كتبت مع بداية رمضان 1430هـ)
شاهد الجميع ما أثاره عرض المسلسل التركي سنوات الضياع ومسلسل نور وغيره من المسلسلات التركية المدبلجة من زوبعة اجتماعية واعلامية على عدة مستويات في مختلف الشرائح وفي مختلف الدول .
وبهذه المناسبة وما سيشهده رمضان المقبل من سوق إعلامي ضخم أو قل معرض إعلامي كبير وما سيحدثه من موجة إعلامية كبيرة ستكتسح مجتمعاتنا اكتساحا شئنا أم أبينا أحببت أن أشارك بهذه الدراسة المتواضعة عن الاعلام الاسلامي واعتبر نفسي أحد المهتمين بالاعلام لما يزيد على العشرين عاما .
الاعلام لغة العصر ولسان القوم الذي ينبغي أن يخاطبوا به تمشيا مع سنن الله في الكون ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه )
إن ملف الاعلام الاسلامي مليء بالحسرات شأنه شأن الملفات الأخرى المهمة التي أهملها تيار الصحوة كالاقتصاد مثلا وذاك لضعف تعاطي القيادات مع هذه الملفات بالدرجة الأولى ويمكن لأي باحث أن يلاحظ ظلال هذا الإهمال غيابا واضحا في قيادة الاعلام حيث لايوجد للتيار الاسلامي تأثير واضح في هذا الزخم الاعلامي الكبير الذي تشهده الساحة الاعلامية في حياتنا ماعدا بالطبع مقالات الشجب والاستنكار لتأثير الاعلام والمسلسلات والأفلام والخطب والمحاضرات في التحذير من الأطباق الفضائية وخطورة القنوات وتحريم استعمالها ...الى آخر المد الوعظي العنيف الذي برع فيه وأجاده ولم يحسن شيئا غيره على أرض الواقع ...وترك التعاطي العملي والفعل المؤثر على أرض الواقع لكل حاقد وجاهل وطامع وفاسد ....هذا جانب من ظلال الاهمال
والجانب الآخر هو أننا حين تدارك فريق منا القصور الاعلامي وأراد أن يخوض المنافسة والمشاركة وجد القوم قد سبقوه بأعوام عديدة وأزمنة مديدة وأن رصيد الخبرة الفعلية بيننا وبينهم كبير جدا يصعب تداركه إلا بشق الأنفس ( وكمثال على ذلك تحتفل شركة قناة فوكس هذه الأيام بمرور مئة عام على انتاج أول أعمالها السينمائية وبهذه المناسبة خصصت قناة فضائية موجهة للعالم العربي لعرض مختارات من انتاجها بينما أكبر تجربة فعلية للاعلام الاسلامي لاتتعدى عشرة أو عشرين سنة على أبعد تقدير مع فارق كبير جدا في نوعية البرامج ومستواها الفني والتقني )
ولو تأملنا أفضل النماذج الموجودة للاعلام الاسلامي لوجدنا أقدمها قناة اقرأ ثم قنوات المجد ثم قناة الرسالة ثم قناة الحوار مع بضع قنوات أخرى متنوعة ولكن ليس لها ذلك الانتشار الكبير ولو أردنا أن نتحدث عن هذه القنوات من خلال التنظيم والاعداد لوجدنا قناة المجد في الصدارة بدون منازع وتمثل في هذا الجانب نموذجا يحتذى حيث قامت بانشاء مؤسسة اعلامية متكاملة الجوانب ماليا وإداريا وخاضت المنافسة وحققت نجاحات كبيرة وهائلة على مستوى شريحة المتدينين وهذه نقطة مهمة يجب التنبه لها فنجاح قناة المجد من أهم أسبابه أنها اقتحمت شريحة كبيرة كانت لاتتعامل مع الاعلام أصلا وترى أن التلفزيون والقنوات الفضائية من الشرور والآثام فاستطاعت القناة أن تقدم لهم نموذجا منضبطا بأفكارهم ويراعي تخوفاتهم فحققت بذلك نجاحا منقطع النظير على مستوى شريحة المتدينين وهي شريحة كبيرة ولا شك ولكن على مستوى المنافسة مع القنوات العامة الأخرى بشكل عام مستواها أقل من المتوسط وأقرب إلى الضعيف .
أما قناة اقرأ أقدم القنوات الاسلامية وأولها بثا فالتجربة فيها مختلفة حيث هي جزء من منظومة إعلامية كبيرة فيها الكثير من الفساد وهذه المنظومات الاعلامية كما هو معلوم تحاول أن تستقطب كل الشرائح بما فيها شريحة المتدينين فهي تقدم لكل شريحة قناة وكان نصيب المتدينين قناة اقرأ وليس هذا تقليلا من شأنها ولكن حتى لا نحملها أكثر مما تحتمل وليعلم أن قرارتها المصيرية رهن بالمنظومة الكبيرة وليست ملكا لإدارتها فقط لذلك هي تحاول المنافسة في السباق في ضوء امكاناتها والمتاح لها وقد قدمت نتائج طيبة ولكنها لم تتجاوز المستوى المتوسط فلازال أداؤها متواضعا ولعل من أهم أسباب ذلك أنها جزء من منظومة كبيرة وبالتالي فهي لاتملك الكثير من الخيارات أو المساحات لتتحرك من خلالها وهذا من مساوىء العمل في كيانات كبيرة لاتتبنى الفكرة أصلا حيث يظل المشروع أسير التمويل والقرار النهائي.
أما قناة الرسالة فهي تجربة شبيهة بقناة اقرأ إذ هي جزء من منظومة إعلامية كبيرة فيها الكثير من الفساد أيضا وهي تخصص لكل شريحة ما يناسبها وكان نصيب المتدينين فيها قناة الرسالة ولكن يبدو أن القائمين على قناة الرسالة استفادوا إلى حدما من تجربة قناة اقرأ فحاولوا الحصول على أكبر هامش يمكن أن يحصلوا عليه للتحرك واتخاذ القرار ضمن المنظومة الاعلامية الأكبر ... وقد انعكس ذلك جليا على أداء القناة حيث استطاعت خلال عدة سنوات أن ترتقي بقدراتها وبرامجها حتى أصبحت من وجهة نظري على رأس قائمة القنوات الاسلامية من حيث المنافسة مع القنوات الأخرى أما من ناحية الاعداد والتنظيم فهي مثل قناة اقرأ رهينة التمويل والقرار النهائي إلى حدما .
ولو قدر لقناة الرسالة أن تكون مؤسسة اعلامية متكاملة مستقلة كقناة المجد لاكتسحت ساحة الاعلام بكل اقتدار ونافست فيه بجدارة وما ذلك على الله بعزيز .
أما قناة الحوار فهي الفارس القادم بقوة من بلاد الغرب وسيكون لها شأن كبير إذا لم تقتلعها يد الظالمين وتغلق أمامها الأبواب والأجواء ومن أهم ميزاتها الحرية الكبيرة التي تتمتع بها في إدارتها وفي برامجها الحوارية والفكرية ولكن يبدو أن عقبة التمويل هي العقبة الأكبر في طريقها وهذه العقبة هي ظلال لاهمال الجانب الاقتصادي عند قيادات الصحوة الذي يظل عاجزا عن فهم فقه المال وحيازته ليكون جنديا يخدم الدعوة حينما يتطلب الوضع ذلك .......وعلى العموم سيكون لهذه القناة تأثير كبير ولنترك الأيام تثبت صحة هذه النظرة .
وهناك مجموعة من القنوات الاسلامية الأخرى حديثة الولادة وأغلبها عبارة عن محاضرات ودروس ومحاضرت ثم كلمات وخطب ثم محاضرات وندوات.......الخ هذا هو الاعلام في نظرهم ومثل هذه القنوات ستختفي عاجلا أم آجلا .
ولعل المرء يعجب كيف استطاع هؤلاء الحصول على قناة فضائية والجواب أن الاعلام في السابق كان مكلفا جدا إذ كان انشاء محطة فضائية يحتاج لعشرات الملايين من الدولارات أما اليوم ومع التقدم الهائل في مجال البث والاتصالات فبامكانك الحصول على قناة فضائية لمدة سنة في حدود مئتي ألف دولار وما عليك سوى تجهيز البرامج والكوادر وهنا بيت القصيد والداء الذي أعيا الطبيب المداويا
فعندما فتح الاعلام أبوابه للجميع لم يجد الاسلاميين كوادر متخصصة ليزجوا بها في سباق الاعلام المفتوح على مصراعيه وهم في ذلك يدفعون ثمن إهمالهم والقيادات منهم على وجه الخصوص لهذا الجانب وبامكانك أن تلاحظ المستوى الهزيل والضعيف للبرامج التي تقدم في هذه القنوات التي دخل أصحابها السباق وهم ليسوا أهلا له فلم يجدوا مايقدمونه في قنواتهم سوى المحاضرات والخطب والمحاضرات ولا شي غير ذلك وهذا ليس تقليلا من شأن الخطب والمحاضرات ولكن لكل مقام مقال .
وعموما للتاريخ فصولا لم يكتبها وكلمة لم يقلها في تعاطي الصحوة الاسلامية مع الاعلام أهم أسلحة التأثير الشامل في عصرنا الحاضر والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون .
هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون
0 تعليقات:
إرسال تعليق
الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]
<< الصفحة الرئيسية