الخميس، 22 ديسمبر 2011

مذكرات مسلم _الجزء الخامس ( ألعاب الحارة القديمة )

الحلقة الخامسة : ألعاب  الحارة القديمة

ومما يجدر الاشارة إليه في الحارة القديمة أنها تميزت بمجموعة من الألعاب الابداعية المفيدية افتقدتها الحياة الاجتماعية الحديثة وكانت هذه الألعاب تعلم عن طريق اللعب وتنمي مجموعة من المهارات المفيدة عند النشء مثل ( التآزر الحركي والحساب والعد والسرعة والقفز والتوازن والرمي والتسديد والشجاعة والقوة ومعرفة الأماكن والتخطيط ) في قالب ترفيهي محبب  وهذه الألعاب ليست خاصة بمجتمع المدينة ولكنها كانت السائدة في ذلك الوقت وكان للألعاب مواسم تنتشر فيها ثم تختفي وتسود لعبة أخرى وهكذا وقد وجدت بعد ذلك أن أغلب هذه الألعاب موجودة في مجتمعات كثيرة مع بعض الاختلافات في التفاصيل  وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ومما مارسته وشاهدته
1-             لعبة ( الطيري )
2-             لعبة ( الليري )
3-             لعبة ( الدحل ) البرجون نوعين طائفي وام النادر
4-             لعبة ( اللنقا )
5-             لعبة ( خريطة )
6-             لعبة ( العصفر )
7-             لعبة ( البربر )
8-             لعبة ( الحبلة )
9-             لعبة صياد السمك
10-        لعبة الحجاج
11-        لعبة ( أم الرقوم )
12-        ألعاب المزاويق والنبيلة والصور ومسدسات الماء والطراطيع والفشاشات السلكية والورق والبلوت والطيارات الورقية وزرة ومعكارة  وصلح أو إن ن ن ن  عروستي  برز  القفز على الأشبار  حصان الجرايد  كفرات وعجلات  وبسكليتات تسلق الأعمدة
هذه الألعاب في غالبها كانت مفيدة وإبداعية ومشبعة للنشء ومتنوعة ومناسبة لسن الأجيال ويمكن ممارستها بكل سهولة وترضي جميع الأذواق والرغبات كما أنها تراعي الفروق الفردية وقد افتقدتها الأجيال الحالية وحرمت منها وحلت محلها ألعاب مضرة بدنيا وسلوكيا كالألعاب الالكترونية أو بعض الألعاب المحدودة النفع .
كما أن المجتمع درج على بعض الألعاب الشعبية المتوارثة والتي ارتبطت زمنيا ببعض التواريخ المهمة ، فليلة النصف من شعبان كانت تنتشر عند الأطفال والشباب لعبة أو عادة اجتماعية تسمى ( سيدي شاهن ) ويشارك فيها الجميع بشغف عظيم ولها فوائد تربوية عميقة الأثر من زيادة المعرفة بالطرقات والبيوت وساكنيها وأبناءها فكنا عندما نشارك نذهب الى البيوت ونطرقه بعصا والقائد يقول عبارة والمجموع يردد من ورائه:
القائد : سيدي شاهن
المجموعة : ياشربيت
خرقة مرقة
ياهل البيت
أما ثواب
ولا جواب
ولانرقد
تحت البواب
وبعضهم يزيد ( ولا نكسر هدا الباب )
ولولا ( فلان ) ويذكرون اسم من أسماء أهل البيت ممن يعرفونه
ماجينا
ولو طاحت
كوافينا
وحل الكيس
واعطينا
والعادة
ياسادة
ست سعادة
هات العادة
سيدي سعيد
هات العيد
أما مشبك
ولا فشار
ولا عريس
من الدهليز
ولا عروسة
من الروشان
سيدي شاهن
ياشربيت
وهكذا تعاد الأنشودة مرة أخرى  حتى يطل أصحاب الدار ببعض الحلويات أو التسالي وما أشبه ويوزعونها على الطارقين أو يضعونها لهم في سلة قماش (عبارة عن شماغ ربطت أطرافه سويا ) وعلق في عنق أحد أفراد المجموعة  فتنصرف المجموعة بفرح وتردد عبارة الشكر مثل :
مبروكة يامبروكة ست البيت مبروكة
وتتحرك مجموعات الشباب والأطفال تطوف الأزقة والحواري وتطرق الأبواب ويتعلم الجميع هذا بيت فلان وأبناؤه فلان وفلان ، وهذا الطريق يؤدي إلى كذا وكذا ، مجموعة من الخبرات والمعارف يتم ترسيخها بطريقة غير مباشرة في العقول والنفوس ، أما نحن اليوم فإن أطفالنا وشبابنا لايكادون يعلمون شيئا من أسماء الجيران وأبنائهم ومن يسكن الحي إلا القليل جدا .
كما أنه قد ينشأ شيء من المشاحنات بين هذه المجموعات عندما تمر مجموعة وقد امتلأت سلتها بالأعطيات بمجموعة أخرى لم تحصل شيئا ، وعندئذ قد تستقوي المجموعة الخاوية على المجموعة الغنية إذا رأتها أقل عددا أو ليست بمستوى قوتها  فكانت صيحة البلطجة المشهورة ( الزكاة ) ثم يهجمون على حامل السلة فإما أن يقتسمون معهم بعض أعطياتهم  أو يهربون أو يشتبكون معهم  وربما انتهى الأمر بتمزيق السلة وبعثرة محتوياتها .
لذا كان أصحاب المجموعات عندما يبدأون في تكوينها يراعون جوانب القوة والمنعة والعدد فلا ينضمون لمجموعات ضعيفة .
ومثل هذه اللعبة أو العادة الاجتماعية كانت هناك عادة أخرى  تسمى ( جابوه ماجابوه ) ليلة دخول رمضان وهي عبارة عن شاب يلبس ملابس مضحكة تشبه الأراجوز وفوق رأسه طربوش مزين  وعادة يكون على دراجة بمفرده أو يحمل على دراجة  ويتجول في الحواري والأزقة والأطفال والشباب يمشون خلفه بأعداد كبيرة وهم يرددون ( جابوه ماجابوه  ولد العري طهروه ) وكلما مر الموكب بحارة من الحواري أحدث ضجة وبهجة وانضم الشباب والأطفال إلى الموكب  إلى أن يسمع خبر دخول شهر رمضان  .
ويبدو أن هذا الموكب كان يقام في حفلات الختان أيضا ويفهم ذلك من ألفاظه  ثم أصبح مقصورا بصورته الكبيرة على ليلة دخول رمضان وكأنه نوع من تنبيه المجتمع إلى هذه المناسبة المباركة دخول شهر رمضان .
ثم مازال الزمان يدور حتى جاءت طفرة النفط وما رافقها من مشاريع وتوسعات فتغير المجتمع المدنى تحولات جذرية وكان من جملة ما اندثر تلك الألعاب الجميلة في الحارة القديمة ، وأصبحت مجرد ذكريات .
وقد شاهدت في موقع ( اليوتيوب ) مقاطع من احتفال الجنادرية في القسم الخاص بالمدينة المنورة  مشاهد لبعض تلك الألعاب وهي محاولات جيدة لتأريخ تلك الذكريات والاستفادة منها .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية