السبت، 14 يوليو 2012

( هذا المقال قديم كتبته قبل ظهور الفضائيات وأنشره كما هو )

  اعلاميات معاصرة

الاعلام في وقتنا الحاضر  قوة كبيرة وخطيرة يزداد تأثيرها وفعاليتها وانتشارها يوما بعد يوم ، ويتسابق الجميع لامتلاك اعلام قوي وفعال لنشر الافكار والمبادئ والدفاع عن القضايا والمصالح وابراز وجهات النظر والمواقف ومما يدعو الى الأسى أن تيار الصحوة الاسلامية لايولي الجانب الاعلامي اهتماما يناسبه ، ولاتزال الجوانب الاعلامية عند تيار الصحوة الاسلامية تقتصر على بعض المجلات والاذاعات ودور النشر وبعض مؤسسات الانتاج ذات المستوى المتواضع ...وهي في عمومها لاتعدو ان تكون حبة رمل في قفر  أو  قطرة ماء في بحر ، ولاشك ان لهذا القصور الاعلامي في حياة الصحوة الاسلامية اسبابا وجذورا سألقي الضوء على بعضها :

1- تجاهل الدور الكبيرللاعلام في التوجيه والارشاد :

لطالما شكى الدعاة من تأثير وسائل الاعلام من افلام ومسلسلات وفضائيات وغيرها على الناس وانها تفسد في يوم ما عملوا على بنائه في سنوات ، ولوجمعت ماكتب او قيل في بيان اضرار أجهزة الاعلام ومفاسدها وخطرها على مر السنوات لوجدته حملا تنوء به العصبة اولي القوة ، مع ان الفائدة العملية لكل تلك التحذيرات تكاد تكون معدومة فكأنها صيحة في واد أو نفخة في رماد ، وماذاك الا لأننا تجاهلنا الدور الكبير للاعلام في حياة الناس وبدلا من توجيه المدعوين الى اقتحام المجال الاعلامي وتسخيره لخدمة الدعوة وتوجيه الناس وارشادهم أخذنا نحذر الناس من الاعلام ومن اضراره ومفاسده وتركنا المجال لكل من هب ودب ليتولى الاعلام ويوجهه ، ولو بحثنا لوجدنا العشرات بل المئات من المقالات والكتب والمحاضرات التي تتحدث عن مفاسد الاعلام ومساوئه ولكنك لن تجد في المقابل مقالا واحدا يحث على اقتحام المجال الاعلامي وتوجيهه لخدمة الناس وتعليمهم ونشر الدعوة ، مما يؤكد ان التيار العام للصحوة الاسلامية لازال حتى الآن يتجاهل الدور الكبير للاعلام وأهميته في التوجيه والارشاد مع أنه يعاني الأمرين منه .

2- القصور الفقهي :

يعتمد الاعلام الحديث على التصوير بكل أشكاله وأنواعه اعتمادا كبيرا ، وللتصوير في الفقه الاسلامي جانب مهم متشابك الاطراف زلت فيه أقلام وضلت فيه أفهام ، وكل من أراد الولوج في التيار الاعلامي من شباب الصحوة سيقف أمام عقبة التصوير عاجلا أم آجلا وقد تطول هذه الوقفة أو تقصر ، ومما يدعو الى الأسف ان أغلب من يتكلم في قضايا التصوير ليس عنده المام واقعي بتقنية التصوير وأبعادها بل أكثر ماعندهم عبارة عن أقوال وتصورات لأناس عاشوا في عصور مختلفة كثيرا عن عصورنا ، وبالتالي فان أغلبهم لايكلف نفسه البحث والاطلاع ومحاولة تنزيل الأحكام على الواقع بصورة صحيحة وانما يكتفي بالأحكام التي قالها اناس لم يعيشوا واقعنا ولم يعانوا معاناتنا فتكون النتيجة ( التصوير حرام ، وأشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون ) ....وهكذا انصرف الصالحون والأخيار عن الاعلام وترك المجال للفاسدين والأشرار حتى أصبحت أجهزة الاعلام خنجرا في ظهر التيار الاسلامي تفسد في يوم مابناه في سنوات .
ويوجد في علماء الصحوة من تنبه لهذا الأمر وحث الشباب على الولوج فيه ولكنهم قليل وفي حكم النادر بينما بقي السواد الأكبر على التعامل السلبي مع الاعلام ومالم يتغير هذا التعامل السلبي فستظل الأمور كما هي .

3- ضيق الأفق وقصر النظر

لقد تنوعت وسائل التعبير والبيان تغيرا كبيرا ، وأصبح لها ألوان و أشكال في عصرنا الحاضر ، وانصرف الناس عن الوسائل القديمة تبعا لتطور الحياة ووسائل المعيشة فيها فأصبح الناس مثلا يتعلمون من التلفاز أكثر مما يتعلمون خطيب المسجد ، ويقرأون الصحف أكثر مما يقرأون الكتب ، بل أضحى شريط الفيديو والكاسيت والأفلام السينمائية و المسرحيات والمسلسلات والقنوات الفضائية ...الخ وسائل لنقل الأفكار لاتقل عن غيرها ان لم تزد عليها ، ولكن شريحة ليست بالقليلة من التيار الاسلامي لازالت تعتبر هذه الوسائل الجديدة في التعبير والبيان نوعامن الفسق او الكفر او المعاصي على اقل تقدير وبالتالي فهي تحاربها وتمنع أتباعها من التعاطي معها او الاستفادة منها في نشر الدعوة وخدمتها ، وعلى أرض الواقع فرضت هذه الوسائل الجديدة بقوتها وجاذبيتها نفسها على الناس وأصبحت الموجه الرئيس لهم ، وسيظل الأمر على ماهو عليه حتى يقتنع الأخيار بوجوب الاستفادة من وسائل التعبير والبيان الحديثة التي هي لغة العصر ولسان القوم الذي لابد أن يقدم لهم الاسلام من خلاله، ولعل من الفائدة أن أذكر قصة المخرج السوري ( مصطفى العقاد ) مع فيلم الرسالة ، حيث قام الرجل بتصوير فيلم سينمائي عن السيرة النبوية كان الهدف من وراءه -كما ذكر في المقابلة التلفزيونية- تقديم السيرة النبوية بشكل صحيح بعيد عن التشويه الغربي لأحداثها وقد حاول الرجل جهده لتلافي المحاذير الشرعية في تصوير الفيلم وأشرك مجموعة من العلماء في الاشراف على النصوص وغيرها ومع ذلك عندما تم انجاز الفيلم منع عرضه في جميع الدول العربية وصدرت بشأنه فتاوى وقرارات ، ولكن الرجل لم ييأس وعرضه في لندن ورفض قسم كبير من المسلمين دخول صالة العرض بينما دخل الباقون وهم على حذر ، وبعد عرض الفيلم قاموا يقبلون يدي المخرج ؟‍‍‍‍‍‍ ، اما المنع فانه قد زال تدريجيا وعرض الفيلم وانتشر في كل مكان ...مما يؤكد ان رؤيتنا الاعلامية فيها كثير من الغبش والخلل وسوء التعامل والتقدير للواقع .

4- امكانات مهدرة وطاقات غيرموجهة :

يوجد في العالم الاسلامي الكثير من الأثرياء الصالحين والذين يرغبون في خدمة هذا الدين ونسمع بين فينة وأخرى عن أحدهم وقد تبرع لانشاء مسجد او مدرسة او معهد او مستشفى او غيرذلك بملايين الدولارات ، ولكن أحدا منهم لم يتبرع لانشاء كلية او معهد اعلامي يقوم باعداد الدعاة اعلاميا او يخرج عناصر اعلامية صالحة لتسد هذه الثغرة المهمة في جدار الدعوة ، ولست اقلل من شأن التبرع للأمور الأخرى ولكن أليس من الأولى التبرع لاقامة مثل هذه القلاع الاعلامية لسد الثغور وحماية أفكار المسلمين وأخلاقهم ونشر دعوتهم ان انشاء قناة فضائية اسلامية للتعريف بالاسلام وتعليمه أجدى من عشرات المشروعات الأخرى التي تستهلك ملايين الدولارات ويكون نفعها وقتي ومحدود لفئة من الناس لفترة معينة ثم يعود الحال كما كان لم يتقدم ولم يتأخر .

هذا فإن أصبت فمن الله وله الحمد والامتنان ، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه ،،،
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية