الأحد، 15 فبراير 2015

دراسة عن حزب العدالة والتنمية التركي الجزء الثاني الفصل الأول والثاني

مقدمة الجزء الثاني
الحمد لله على احسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه أجمعين إلى يوم الدين
فعندما فرغت من كتابة الجزء الأول من هذا الكتاب في الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك  1431هـ توقفت فيه عند معركة التعديلات الدستورية والتصويت عليها بنعم أو لا  وقد قمت بانهاء الكتاب حينها  وبعثت به لبعض المكتبات على الانترنت سائلا المولى عزوجل أن يبارك فيما عملته وأن ينفع به ، ثم تركت الأمر عدة أشهر ولم أعلم ما صنع الله بالكتاب .
وبعد حوالي ثمانية أشهر  قمت بعمل بحث في شبكة الانترنت عن الكتاب فوجدت أن الله قد سخر له من اهتم به وبدأ بنشره مع ثناء على جودته والمعلومات الواردة فيه  فشجعني ذلك على ابتغاء المزيد من فضل الله  وقررت عمل جزء ثان منه خاصة وان تركيا قد مرت خلال أقل من سنة (نحن الآن على مشارف شهر رمضان من السنة التالية 1432هـ ) أحداث وتطورات كثيرة مهمة ومؤثرة  تستحق أن تسجل وتحلل  لينتفع الناس بها إن شاء الله تعالى

الفصل الأول

معركة التعديلات الدستورية


كانت التعديلات الدستورية المقترحة خطوة هامة في المسار الاصلاحي للوضع في تركيا وتحولت فيما بعد إلى معركة كسب ثقة  واختبارا لشعبية أردوغان  ودعم الشارع التركي له ومعركة كسر عظم  إن صح التعبير ،  واستمات العلمانيون  وأذنابهم  ليعرقلوا  الاستفتاء   ويحولوا دون  التصويت عليه بنعم  ولكن الله أخزاهم  فقد أعد أردوغان  ورفاقه عدتهم جيدا  واستعانوا بالله  فلم يخيبهم  ، و حاول الخصوم اختيار توقيت له دلالة رمزية تدعمهم  فقد اختاروا  يوما   يوافق نفس اليوم الذي  انقلب فيه الجيش على الدستور  ووضع دستورا  ظالما  ذاق الأتراك  من ويلاته زمنا طويلا   ،  ولكن الأمر  تحول  إلى يوم تاريخي في هزيمتهم ...وكان يوم التصويت وكان يوم نصر جديد فقد  صوت الشعب  بنسبة  قاربت  60%  على الموافقة على تعديل الدستور  
 وفيما يلي بعض التقارير الصحفية التي تبين الموضوع بشيء من التفصيل

شعار ( إيفيت ) نعم باللغة التركية  الذي أطلقه أردوغان

( مع قبول المحكمة العليا في تركيا النظر في الطعن الذي تقدم به حزب الشعب الجمهوري المعارض في التعديلات الدستورية التي صوت عليها البرلمان مؤخرا، دخلت معركة التعديل الدستوري في البلاد مرحلة جديدة.. معركة تحولت إلى ما يشبه مباراة ملاكمة لا يعرف كيف ستنتهي.
وقد ارتكز قبول المحكمة للطعن على مسألتين: أولاهما تتعلق بالجسم القضائي وهيكلية المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء، في حين تتعلق الثانية بالاستفتاء المقرر في سبتمبر/أيلول المقبل حيث طالبت المعارضة بوقفه إلى حين صدور قرار المحكمة الدستورية العليا.
جدل التعديل والإصلاح
رزمة التعديلات الدستورية التي نجح حزب العدالة والتنمية الحاكم في التصويت عليها من داخل البرلمان، شملت 29 مادة تتعلق معظمها بالجسم القضائي (أخفق في تمرير مادة واحدة تتعلق بحظر الأحزاب من داخل البرلمان بدلا من المحكمة الدستورية) جاءت بأغلبية تتراوح بين 331 و340 صوتا, وهي نسبة تسمح بالذهاب إلى استفتاء شعبي بعد مصادقة الرئيس عبد الله غل عليها.
ومع أن هذه المصادقة جاءت سريعة فإن المفاجأة الأولى في سياق المعركة القانونية الجارية جاءت من لجنة الانتخابات العليا التركية عندما حددت 12 سبتمبر/أيلول المقبل موعدا للاستفتاء، بعدما توقع حزب العدالة والتنمية أن يكون الموعد في يوليو/تموز المقبل.
وقد بررت اللجنة قرارها باعتمادها مدة 120 يوما بدلا من 60 يوما, وهي المهلة المقررة قانونيا بين التصديق الرئاسي والاستفتاء قبل تعديل المدة مؤخرا إلى شهرين, باعتبار أن التعديل القانوني لا يدخل حيز التنفيذ إلا بعد سنة من إقراره. لكن البعض يرى أن موعد 12 سبتمبر/أيلول لم يكن دون معنى, فهو يوافق الذكرى الثلاثين للانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال كنعان إيفرين ومن ثم قيام الجيش إثر ذلك بوضع الدستور الحالي المعمول به حاليا, والذي يلخص بمقولة "الجيش يحمي الدستور, والدستور يحمي الجيش".
وعليه فإن الموعد المذكور له رمزية محددة لدى القوى العلمانية المحسوبة على الجيش, حيث سبق أن هدد الجنرال إيفرين بالانتحار إذا سمحت التعديلات الدستورية بمحاكمة قادة الانقلاب العسكري, وهو ما صوت عليه البرلمان.
في الواقع, وبغض النظر عن هذا الجدل القانوني فإن معركة التعديل الدستوري فجرت جدلا متفاقما بين حزب العدالة المسيطر على البرلمان والحكومة من جهة، وبين القوى التقليدية المصنفة في خانة العلمانية والمؤلفة بشكل أساسي من مؤسسات الجيش والقضاء والتعليم العالي من جهة أخرى. ويأتي هذا التفجر تعبيرا عن أزمة بنيوية لها علاقة بطبيعة النظام وتركيبته وآلياته, وعليه ينبغي عدم النظر إلى معركة تعديل الدستور التي تمس قضايا حساسة على أنها مجرد تعديل في بعض المواد الدستورية التي لم تعد صالحة للعمل بها, بل ينبغي النظر إليها كقضية مصيرية لطرفي الصراع, إذ إنها تتعلق بنظرتين مختلفتين للدولة والمجتمع والدين وآلية إدارة البلاد وخياراتها السياسية.
ومن هنا تنبع أهمية المعركة المحتدمة بهذا الخصوص والتي تأخذ طابع الإصلاحات الدستورية والسياسية بنظر حزب العدالة وزعيمه رجب طيب أردوغان, في حين ترى الأوساط المعارضة لها أنها بمثابة انقلاب أبيض على آلية إدارة مؤسسات البلاد والتي تمثل الإرث السياسي للأتاتوركية.
حزب العدالة -وعلى رأسه أردوغان- ينطلق في معركته للتعديل الدستوري من قضيتين: الأولى تعزيز فرص الانضمام إلى العضوية الأوروبية عبر تحقيق معايير كوبنهاغن, وعليه فإن التعديلات المذكورة تحظى بمباركة أوروبية غير معلنة.
والثانية, التطلع إلى ترتيب البيت الداخلي في إطار مسيرة إصلاح سياسي يسعى الحزب إليها منذ تسلمه السلطة عام 2002، والتي كانت من معالمها إعادة هيكلة مجلس الأمن القومي وتقليص سلطاته التنفيذية, بما أدى إلى الحد من الدور الكبير للجيش في الحياة السياسية لصالح الحكومة المدنية، بعدما كان طوال العقود الماضية هو من يعطي الأوامر للحكومة على شكل توصيات ملزمة التنفيذ عبر مجلس الأمن القومي. وعليه يرى أردوغان أن مسألة الإصلاح السياسي أصبحت أولوية سياسية لا رجعة عنها.
في المقابل, ترى القوى المعارضة للتعديلات الدستورية أن حزب العدالة والتنمية يريد من ورائها وضع يده على مؤسسات القضاء وتحقيق انقلاب مدني ضد الجسم القضائي تمهيدا لتحقيق المزيد من أسلمة الدولة والمجتمع. كما ترى أن عملية التعديل أعدت بطريقة بعيدة عن التوافق السياسي, وهو ما قد يقود إلى تداعيات خطيرة حسب دينيز بايكال الذي قدم مؤخرا استقالته من زعامة حزب الشعب الجمهوري إثر فضيحة جنسية. بل إن بايكال ذهب إلى حد التحذير من الاستمرار في مساعي التعديل, وهو تحذير قال البعض إنه يشكل دعوة صريحة إلى الجيش للقيام بانقلاب عسكري إذا أصر حزب العدالة على التعديلات الدستورية.
وعلى غرار حزب الشعب يرى حزب الحركة القومية المتطرفة أن التعديلات الدستورية ستؤدي إلى انفتاح الحريات الاجتماعية والشخصية بشكل كبير وبالتالي استفادة الحركة الكردية منها, بما يشكل ذلك خطرا على القومية التركية كما يرى الحزب المعروف بتطرفه القومي ونهجه الطوراني.
وعلى المستوى الكردي, جاء رفض حزب السلام والديمقراطي للتعديل الدستوري بعدما رفض حزب العدالة إدخال تعديلات قدمها الحزب لها علاقة بخفض النسبة المطلوبة لدخول الأحزاب إلى البرلمان من 10 إلى 3% في الانتخابات, وتعديل المواد المتعلقة باللغة الأم وحق تعلمها, وإلغاء عقوبة منع ممارسة العمل السياسي عن أي فرد, واعتماد تركيا وليس العرق التركي هوية لمسألة الانتماء.
سيناريوهات بينها الأسود
ثمة قناعة لدى حزب العدالة والتنمية بأن المحكمة الدستورية باتت الخصم والحكم معا بعدما تحولت إلى أهم قلعة من قلاع المعارضة العلمانية فأردوغان نفسه قال إنها تحولت إلى محكمة للمعارضة وأصبحت تنفذ أوامرها.
ومن هذه القناعة بالذات ثمة حديث عن سيناريو أسود قاتم يذهب إلى أبعد من رفض المحكمة للتعديلات الدستورية, وهو أن المحكمة ستعتبر أن التعديلات تتعارض مع جوهر المواد الدستورية التي لا يمكن تعديلها تحت أي بند أو ظرف, باعتبارها تمثل العلمانية التي تشكل مبدأ الجمهورية التركية.
وعليه فإن المحكمة لن تكتفي ببطلان التعديلات بل ستتخذ قرارا بحظر حزب العدالة على أساس أن رزمة التعديلات سبب كاف لاعتبار الحزب مناهضا للعلمانية, على أن يرفع المدعي العام للجمهورية عبد الرحمن يالجينكايا خلال الفترة المنظورة دعوى لإغلاق الحزب, خاصة أنه سبق له أن رفع دعوى مماثلة عام 2008.
بل إن السيناريو لا يقف عند هذا الحد, فهناك من يرى أنه يتضمن منع قادة حزب العدالة -وعلى رأسهم أردوغان- من ممارسة العمل السياسي وإسقاط عضوية البرلمان عن نوابه, بل وحتى رئيس الجمهورية باعتباره وافق على التعديلات الدستورية المتصلة بمبدأ العلمانية, بما يعني كل ذلك إسقاط حكومة حزب العدالة دستورياً وتشكيل حكومة من الأحزاب المتبقية في البرلمان.
مقابل هذا السيناريو الأسود, ثمة من يرى في تجربة وصول عبد الله غل إلى رئاسة الجمهورية عام 2007 ما يشجع على تكرارها من قبل المحكمة الدستورية رغم الإنذار الشهير للجيش آنذاك في أبريل/نيسان.
وفضلا عن هذا، هناك من يرى أنه ليس لدى المحكمة أسباب كافية لإلغاء التعديلات لأن من شأن ذلك المخاطرة بمستقبل الديمقراطية في تركيا وعلاقاتها الخارجية، كما أنه ليس من اختصاص المحكمة الدستورية النظر في مضمون التعديلات بل في الشكل, بما يعني إمكانية قول المحكمة إن قضية المضمون خارجة عن نطاق صلاحياتها, وبالتالي نجاح السيناريو القانوني الأبيض.
في جميع الأحوال, ثمة قناعة بأن رفض المحكمة للتعديلات الدستورية يعني الذهاب إلى انتخابات مبكرة، في وقت يتوقع فيه الجميع أن يفوز حزب العدالة بأكبر نسبة من الأصوات بما يفوق فوزه في انتخابات 2007، خاصة أن الأحزاب المعارضة في تراجع مستمر. وإذا جرى هذا السيناريو فمن يضمن أن لا يحظى حزب العدالة بأغلبية مطلقة في البرلمان تؤهله إقرار تعديل الدستور من داخل البرلمان.
ضرورة الإصلاح
مع قناعة حزب العدالة والتنمية بأن معركة التعديل الدستوري تأخذ مكانة خاصة في مسيرته السياسية وتطلعاته المستقبلية, فإنه سيعمل بكل ما لديه من أجل الانتصار في هذه المعركة، خاصة في ظل قناعته الدفينة بأن الدستور الحالي لا يتناسب وأداء السياسة التركية في الداخل والخارج.. داخليا: لما حققه الحزب من انجازات بحاجة إلى تعزيزها، وخارجيا: ثمة قناعة بأن الدستور الحالي لم يعد يتناسب وصعود النفوذ التركي إقليميا ودوليا, إذ يقول أردوغان "ليس خيالا أن يكون القرن الواحد والعشرون قرن تركيا, لكن هذا لا يتحقق إلا بتحديث تركيا من خلال التعديلات الدستورية التي تليق بها".
وهذه قناعة يضعها العديد من المتابعين في إطار تطلع أردوغان إلى نظام رئاسي على النمط الأميركي يكون هو على رأسه عام 2012.
في الواقع, ورغم الجدل الجاري إزاء قضية التعديل الدستوري والمواقف المتناقضة بين التأييد القوي والمعارضة الشديدة, وبغض النظر عن قرار المحكمة الدستورية والسيناريوهات المنتظرة, فأن مسألة تعديل الدستور وضعت حزب العدالة أمام مفترق الطرق: فإما أن ينجح في إنجاز ثورته الدستورية ويقود عملية الإصلاح والتغيير, وبالتالي يحتفظ بشعبية كبيرة تؤمن له البقاء في صدارة المشهد السياسي التركي, وإما أن تصبح تجربته كحزب حاكم مهددة بالتراجع أمام التحولات والمتغيرات التي تشهدها البلاد في السنوات الأخيرة إذا ما تراجع -لهذا السبب أو لذاك- عن التعديل المنشود.
المصدر : الجزيرة نت



تركيا: الموافقة على التعديلات الدستورية ترعب قادة انقلاب 1980


ذكرت تقارير صحفية ان نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا والتي أظهرات موافقة أكثر من 58 في المائة من الاتراك على تلك التعديلات  قد جاءت في غير صالح من بقي من قادة انقلاب العام 1980 ، حيث تقدم عشرات الأتراك المتضررين من التعذيب والقتل على يد نظام 12 سبتمبر/ ايلول الانقلابي، بشكاوي لمحاكمة من بقي منهم على قيد الحياة .


وكانت التعديلات التي وافق عليها الاتراك مؤخرا، قد الغت المادة 15 من الدستور التي اضافها الانقلابيون على الدستور بصورة مؤقتة، والتي كانت تمنع اي شخص من التقدم بشكوى لمحاكمة اي من قادة الانقلاب واستبدلت بمادة أخرى.

وكانت منظمة "مظلوم دير"، وجمعية حقوق الانسان وثمانون عضوا في منتدى "لا يكفي ولكن نعم"، من أولى المنظمات التي تقدمت بدعاوى لمحاكمة من بقي من قادة انقلاب العام 1980 على قيد الحياة الى المدعي العام في أنقرة.

وتلا ذلك دعاوى بالعشرات لمحاكمة قائد الانقلاب نفسه كنعان ايفرين الذي لا يزال على قيد الحياة، ويبلغ من العمر 93 عاما، إلى جانب الجنرال نجاد تومير "86 عاما" والجنرال تحسين تشيتينكايا "85 عاما" .

ورفعت مجموعات من ناشطي حقوق الانسان امام قصر العدل في اسطنبول شعار "يجب ان يدفع كنعان ايفرين الثمن".

وحسبما ذكرت صحيفة " السفير" اللبنانية، من بين الذين تقدموا بدعاوى النائب اليساري افق اوراس، والكاتبة المعروفة نهال بينجوسو قراجة، والصحافية المعروفة ياسمين تشونجار، ومقرر المحكمة الدستورية سابقا عثمان جان، والقاضي ساجد قاياصو الذي طرده سابقا مجلس القضاء الأعلى من وظيفته، والذي اكد ان مهلة تجاوز الزمن للقضية غير قائمة، وكذلك مسألة شيخوخة المدّعى عليهم.

وكانت المادة 15 قد استبدلت بنص يقول ان "العسكريين الذين شاركوا في انقلابات او محاولة انقلابات او ارتكبوا جرما ضد النظام الدستوري يحاكمون امام محاكم مدنية، ويمكن محاكمة المدنيين امام المحاكم العسكرية فقط في حالة الحرب".

والمفارقة أن بعض نواب "حزب السلام والديموقراطية" الكردي الذي قاطع الانتخابات منتقدا بشدة الإصلاحات، قد استفادوا من التعديلات وتقدم بعضهم بدعاوى لمحاكمة كنعان ايفرين.

ومن بين هؤلاء النائب الكردي عن منطقة باتمان، بينغي يلديز، الذي تقدم بدعوى لمحاكمة ايفرين امام مدعي عام باتمان بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

في هذا الوقت، بدأت تلوح في الأفق احتمالات البحث في اعداد دستور جديد يهدف الى الانتقال الى نظام رئاسي. وكان اردوجان أول من ألمح الى دستور جديد في خطابه في ديار بكر في الثالث من سبتمبر/ ايلول الحالي. وتلا ذلك إعلان رئيس اللجنة الدستورية في البرلمان برهان كوزو "من حزب العدالة والتنمية"، ان اردوجان أعطى تعليماته للبدء بإعداد دستور جديد، قائلا ان نظاما رئاسيا يليق برجب طيب اردوجان.

وقالت صحيفة "راديكال" التركية، ان اردوجان لا يريد ان يكون رئيسا للجمهورية بالصلاحيات الحالية، ويريد أن يكون رئيسا للجمهورية بصلاحيات إضافية.

واضافت أن الانتخابات النيابية المقبلة قد يتم تقديمها الى نهاية مايو/ايار المقبل، أو مطلع يونيو/حزيران، وليس في منتصف يوليو/ تموز العام 2011 كما هو مقرر، وذلك تفاديا لمصادفتها في حر الصيف، مشيرة إلى أنّ تقديمها بالتالي لا يعتبر انتخابات مبكرة.

تقليم أظافر العسكر

كانت تقارير صحفية تركية ذكرت في وقت سابق أن "خطة" حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة اردوجان تسير بنجاح حتى الان في المواجهة مع مجموعات الجنرالات المتهمة في "خطة المطرقة"، "الزمرة" العسكرية، كما توصف في تركيا، وذلك في الوقت الذي صرح فيه اردوجان صراحة بأنه مستعد للاستجابة لدعوة المعارضة إلى تغيير القانون للحد من قدرة الجيش على التدخل فى الحياة السياسية.

وعندما كشفت "خطة المطرقة" في مطلع العام الحالي، وهي التي أعدت عام 2003، كانت أسماء من وردت في ملفات التحقيق الأولي موضع شبهة ليس إلا وقد لا يكونون هم المخططين. لكن توجيه الاتهام رسميا لهم الشهر الماضي وإصدار الأمر باعتقالهم، ادخل تركيا التاريخ الحديث ولا سيما منذ أول انقلاب عسكري في العام 1961.

وكان من بين العسكريين الذين صدر الأمر باعتقالهم ثلاثة من القادة السابقين للقوات المسلحة، وهم قائد الجيش الأول السابق تشيتين دوغان، والذي ينظر إليه على انه الرأس المدبر للخطة والقائد السابق للقوات الجوية إبراهيم فيرتينا والقائد السابق للقوات البحرية اوزدن اورنك.

بهذه الأسماء ستكون المرة الأولى التي يدخل فيها قادة قوات مسلحة إلى السجن بتهمة التخطيط للقيام بانقلاب عسكري. لكن الأمر ذا الدلالة أيضا أن 25 من الضباط المتهمين لا يزالون يمارسون وظيفتهم داخل الجيش.

ومن المتوقع ان تبدأ جلسات المحاكمة في 16 ديسمبر/ كانون الأول المقبل في سجن سيليفري قرب اسطنبول وفقا للمادة 147 من الدستور التي تتحدث عن محاولات اللجوء إلى القوة والإكراه لإسقاط أي مؤسسة من مؤسسات الجمهورية التركية. وفي الحد الأدنى سيطلب المدعي العام السجن من 15 إلى 20 سنة للمتهمين الـ196.

وقد أطاح الجيش الذى يعتبر نفسه حامى النظام العلمانى فى تركيا، أربع حكومات خلال خمسين سنة ويقيم علاقات متوترة مع حزب العدالة والتنمية الذى يتهمه أكبر المتشددين فى الدفاع عن العلمانية، بالسعى إلى فرض قوانين إسلامية فى البلاد، ومنذ 2007 أحيل عشرات العسكريين على القضاء فى قضايا مؤامرات مفترضة تهدف إلى زعزعة حزب العدالة والتنمية والإطاحة به.)
============
إردوجان يعلن الفوز بنسبة 58% في الاستفتاء على التعديلات الدستورية
أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوجان أن 58% ممن أدلوا بأصواتهم في الاستفتاء على التعديلات الدستورية قد صوتوا لصالح هذه التعديلات.
وهذه النتيجة مفاجئة للذين كانوا يتوقعون أن يكون الفرق بين نسبة المؤيدين والمعارضين للتعديلات ضئيلة.
وصوت الناخبون على مجموعة تعديلات دستورية طرحها رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان، وهي تعديلات تقول الحكومة ذات التوجهات الإسلامية إن البلاد بحاجة الى تطبيقها من أجل تعزيز الديمقراطية وتعزيز فرص أنقرة في الإنضمام الى عضوية الإتحاد الأوروبي.
وقد عدل الدستور الذي وضعته الحكومة العسكرية في 1982 حتى الآن 15 مرة لكن هذا التعديلَ هو الأول الذي يعرض في استفتاء شعبي.
واظهر استطلاع للرأي أن أغلبية كبيرة من الأتراك تؤيد حزمة الإصلاحات التي تتضمن اصلاحات في السلطة القضائية .

الرئيس التركي السابق كنعان افرين يدلي بصوته في الاستفتاء على التعديل الدستوري
فيما اشارت استطلاعات اخرى الى صعوبة التكهن بالنتيجة مما عكس الانقسامات الشديدة في تركيا قبل انتخابات 2011.
وترى المعارضة العلمانية في هذا التعديل محاولة للسيطرة على المحاكم من جانب حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتمتع بأغلبية برلمانية كبيرة.
وتضم حزمة الاصلاحات 26 بندا ينظر الى معظمها على انها متدرجة وغير مثيرة للجدل ومن بينها بند يجعل من الممكن محاسبة الجيش امام المحاكم المدنية.
لكن التغييرات المقترحة لتشكيل المحكمة الدستورية والهيئة العليا للقضاة وممثلي الادعاء وهي هيئة تابعة للدولة مكلفة بتعيين القضاة أثارت القلق بشأن استقلال القضاء. ويشكل الاستفتاء اختبارا كبيرا لشعبية اردوغان الذي يتولى حزبه السلطة منذ 2002 وهي فترة طويلة نسبيا في تركيا.
ورحب الاتحاد الاوروبي بهذه التعديلات المقترحة معتبرا انها "خطوة في الاتجاه الصحيح".
أخبار BBC






التصويت بنعم له ما بعده

وما أن وافق الشعب التركي على التعديلات الدستورية وإن كانت منقوصة ولا تلبي الطموحات إلا أنها أعطت الضوء الأخضر لدفعة جديدة من الاجراءات التي تكرس مناخ الحرية والعدالة وترفع الظلم والاستبداد فتم ايقاف العمل نهائيا بقررات انقلاب الجيش المشؤومة

أردوغان يوقف العمل نهائيا بقرارات انقلاب 1997
تركيا تتخلص أخيرا من وثائق وملفات تم إعدادها بأوامر الانقلاب العسكري عام 1997

أصدر رئيس الوزراء التركي تعليماته بوقف العمل نهائيا بقرارات اجتماع مجلس الأمن القومي المعروفة بالنقلاب العسكري الأبيض الصادرة في 28 فبراير 1997.
فبعد مرور أربعة عشر عاما على صدور هذه القرارات والعمل بها في مختلف وزرات ودوائر العمل الرسمية والخاصة، تمكنت تركيا أخيرا من وقف العمل بها نهائيا، والتخلص من كافة الوثائق والمستندات السرية التي تم جمعها عن المواطنين ، وأنشطتهم وتوجهاتهم الفكرية والدينية.
وكان أردوغان قد بدأ حملته للتخلص من قرارات هذا الانقلاب العسكري منذ شهر ديسمبر/كانون أول الماضي، بإصداره عددا من القرارات، ثم أتبعها في الأول من فبراير/شباط، ثم في الحادي عشر منه بقرارات أوسع لتشمل التخلص نهائيا من المستندات والأرشيفات، وإرسال تعليمات إلى كافة الجهات المعنية لوقف العمل بقرارات 28 فبراير 1997.
وكانت القوات المسلحة التركية قد أجبرت حكومة نجم الدين أربكان عام 1997 على التوقيع على 18 مادة، عرفت بالانقلاب العسكري الأبيض. وكانت هذه المواد قد استهدفت في مجموعها تصفية الحركة الإسلامية في تركيا، وتجميد كافة أنشطتها، ومواردها المالية، وكذلك مراقبة المواطنين وتوجهاتهم الفكرية والدينية.
أخبار العالم

بدء التحقيق مع قادة انقلاب 1980 في تركيا


بدأ المدعي العام الجمهوري لمدينة أنقرة مراد دمير التحقيقات مع قادة انقلاب 12 سبتمبر 1980،وقيامه باستجواب رئيس الجمهورية الأسبق رئيس أركان الجيش المتقاعد الجنرال كنعان ايفرين، الذي قاد الانقلاب، وذلك قبل أيام من الانتخابات البرلمانية التي تشهدها تركيا الأحد المقبل.
وقالت مصادر التحقيق إن المدعي العام وجه سؤالا إلى ايفيرين عن الأسباب التى دفعته للقيام بالانقلاب فى ذلك الوقت، فأجاب بأنه كان سيفعلها مرة أخرى إذا عاشت تركيا نفس الظروف السلبية.
وأضاف أن مهام الجيش هي الدفاع عن سلامة وأمن واستقرار البلاد لا الوقوف موقف المتفرج تجاه التحديات التى تواجهها البلاد وتشكل خطرا على أمنها الوطني.
وكان الادعاء العام فى تركيا قرر فتح التحقيقات ضد قادة انقلاب سبتمبر 1980، بناء على شكاوى من عدد من المواطنين الذين أضيروا بسببه، وذلك بعد أن تم إلغاء المادة 15 من دستور 1982، في الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية فى 12 سبتمبر من العام الماضي، وكانت هذه المادة تقف حائلا دون التحقيق مع قادة انقلاب 1980.
ولم يبق على قيد الحياة من قادة انقلاب 1980 إلا إيفرين والجنرال تحسين شاهين كايا قائد القوات الجوية فى زمن الانقلاب، فيما توفي الجنرال نجاة تومر قائد القوات البحرية التركية الأسبق فى 30 مايو الماضي، قبل ساعات من مثوله أمام المدعي العام للتحقيق.
ووصف رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان التحقيقات التى بدأها الادعاء العام مع قادة الانقلاب بأنها دليل على قوة الديموقراطية فى تركيا
الوطن

ولا زالت تداعيات تعديل الدستور تفعل فعلها وتعيد الحق لأصحابه وإن كان بشكل بطيء أو غير كامل ، كما أنها جعلت الفاسدين في موقف الخائف الوجل حيث وضعت رقابهم تحت طائلة القانون والمحاسبة والملاحقة لأول مرة منذ عقود طويلة  وهذه الاجراءات كلها ستكرس مناخ الحرية والعدالة والديموقراطية الحقيقة

أردوغان يبعث برسالة تأديب للصحافة العالمية

ودأبت بعض الصحف العالمية الذائعة الصيت بنشر معلومات مضللة وكاذبة وخاصة في الفترات الحرجة مثل مواسم الانتخابات بغية التأثير السلبي على نتائج التصويت واستجابة لضغط الأعداء هنا وهناك  وكان منها صحيفة الديلي تلغراف التي ظنت أن أردوغان مثله مثل غيره من زعماء العالم العربي الاسلامي حيث تكال لهم التهم بحق وبغير حق ولا يتحرك منهم ساكن في مواجهة الظلم ولكنهم هذه المرة تورطوا مع الشخص غير المناسب  وما كان من أردوغان إلا أن رفع دعوى قضائية ضد الصحيفة وكسبها  فأصبحت الصحافة العالمية تفكر مليا قبل تقدم على نشر الأكاذيب بحق أردوغان 

«ديلي تلغراف» تدفع تعويضات لأردوغان


كسب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الدعوى التي رفعها ضد صحيفة ديلي تلغراف البريطانية لنشرها نبأ يزعم بأن حزب العدالة والتنميةتلقى «تبرعات» من إيران قبيل الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو/تموز 2007.

وأقرت المحكمة العليا البريطانية في جلستها المنعقدة أمس الأربعاء أن النبأ المنشور في الصحيفة لا يستند إلى أي دليل، فقضت بدفع تعويضات لأردوغان مقدارها 25 ألف إسترلين.

يذكر أن أردوغان كان قد رفع الدعوى المذكورة ضد الصحيفة عقب نشرها "الادعاء" المذكور في 14 سبتمبر/أيلول 2010. ولم تعتذر الصحيفة لأردوغان حتى يوم أمس الأول الثلاثاء، أي قبل يوم واحد فقط من قرار المحكمة بتغريمها، حيث نشرت الاعتذار في الصفحة الأولى من قسم الأخبار العالمية وكذلك في موقعها الألكتروني.

اخبار العالم

الفصل الثاني

وفاة نجم الدين أربكان




( نجم الدين أربكان رحمه الله : فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم ولا للعرب وحدهم وإنما للمسلمين جميعا )



وبعد حياة حافلة بالعطاءات والمجاهدات والتقلبات توفى الله نجم الدين أربكان  في أحد المستشفيات  وتولاه الله برحمته إذ قبضه إليه في هذه الظروف الحرجة  ونسأل الله أن يتغمده بعفوه ورحمته
ومن المهم في هذا المقام أن نفرق بين أمرين الجانب الشخصي لأربكان والجانب الفكري  فأما الجانب الشخصي فنسأل الله له الرحمة والمغفرة وأن يرفع الله درجته ويعلي مقامه  أما الجانب الفكري فلابد فيه من التوقف فما أصاب فيه قبلناه  وعملنا به وأشدنا به  وما اجتهد فيه وأخطأ فله أجر الاجتهاد ولا نتبعه في الخطأ وننبه عليه حتى لا يغتر الناس بخطئه
 وهذا الخطأ لينزل من مقامه شيئا فقد أخطأ قبله كثيرون وسيخطيء بعده كثيرون وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم
 وفيما يلي بعض المقالات والتقارير  التي تلقي الضوء على جوانب من حياة أربكان
تركيا بلا أربكان: الإسلاميّون ليسوا يتامى

وكالات-الرسالة نت

رحل رمز الإسلام السياسي التركي من دون منازع، نجم الدين أربكان، أمس، تاركاً خلفه وضعاً إسلامياً ممتازاً في بلاده، وأقوى بكثير من ذلك الذي نظّمه الراحل في أحزابه الخمسة على مدى 4 عقود.
اختار «الخوجا»، صاحب الـ 85 عاماً، موعداً لافتاً للرحيل، عشيّة الذكرى الـ 14 لـ«الانقلاب الأبيض» الذي نظمه الجيش ضدّه في 28 شباط 1997. وكأنه رحل في هذا التوقيت لأنه لم يكن راغباً في تذكُّر الإذلال الذي لحق به في ذلك اليوم، وفي الأيام والأشهر والسنوات التي تلته، والتي أوصلته إلى أن يكون محكوماً بسرقة أشهر أحزابه، «الرفاه».
أربكان، الذي ظل لسنوات أبرز رجل سياسي إسلامي في العالم، انتهى به الأمر إلى أن يكون زعيماً لحزب أقل من صغير، هو «السعادة»، مع نائب واحد في البرلمان من أصل 550، في مقابل تلامذة انشقّوا عنه وأسّسوا حزبهم «العدالة والتنمية»، ويحكمون اليوم مع 334 نائباً.
رحل أربكان بصمت في مستشفى في أنقرة، وتحديداً عند الساعة 11:40 قبل ظهر أمس بعد نقص حاد بالتنفس. رحيل لم يكن مفاجئاً، إذ كان يرقد في المستشفى منذ نحو شهرين. وبذلك، تكون شخصية تركية تاريخية جديدة قد ماتت ميتة ربها، تماماً مثل مصطفى كمال وعصمت إينونو. في مقابل هؤلاء، عدنان مندريس، أول زعيم منتخَب في البلاد، مات شنقاً. نجم الثمانينيات، تورغوت أوزال، مات اغتيالاً على الأرجح في 1993. اغتيال يليق بصفته أنه كان مجسِّد الخط العلماني الحقيقي الذي لا يشبه النسخة الأتاتوركية، من ناحية الانفتاح على التيارات الإسلامية القريبة، وهو أوّل رئيس تركي يؤدّي مناسك الحج.

أمّا اليوم، فيبقى هناك 3 أسماء تاريخيّة، أصحابها أحياء: رمز حقبة النصف الثاني من الثمانينيات والتسعينيات، عبد الله أوجلان، الذي يعيش وضعاً صحياً غير مريح في سجنه الانفرادي المؤبّد، إضافة إلى الداعية الإسلامي فتح الله غولن المغترب في الولايات المتحدة، و«النجم» رجب طيب أردوغان طبعاً.

أربكان باختصار، أكثر الساسة الإسلاميين جرأةً، وأكثرهم مباشَرةً في تعاطيه مع إسلاميّته. ظلّ في سبعينيات القرن الماضي أبرز رجل تركي على الإطلاق، حاملاً اختراعاته في الهندسة الميكانيكية التي حققها في ألمانيا، إلى تركيا، مقبرة «اختراعاته» السياسية. فتلك السياسة كانت بالنسبة إليه أصعب بكثير من الاختراعات العلمية. في ألمانيا، حصّل الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية، وسجّل اسمه على براءة اختراع إحدى أشهر الدبابات الألمانية في 1965 «ليوبارد 1».

ولما عاد إلى بلاده أستاذاً جامعياً ورجلاً سياسياً في حزب سليمان ديميريل «العدالة»، قبل تأسيس أحزابه الخمسة في ما بعد، أصرّ على أنّه للوصول إلى الأهداف السياسية باب واحد يُطرَق: المجاهرة بالموقف مهما كان الثمن. هكذا، أخذ عليه تلامذته، حكام اليوم، من رجب طيب أردوغان وعبد الله غول والآخرين، محافظته على خطاب واحد منذ 1970 حتى وفاته، وهو ما كان سبباً لفشله السياسي: لا البراغماتية كان يحبّها، ولا مراعاة ضرورات المرحلة والحصار العلماني ـــ العسكري ضد التيارات الإسلامية كان يعني له شيئاً، تماماً بعكس أردوغان ورفاقه.

وهنا، يحلو لبعض المقارِنين بين أربكان وأردوغان، استحضار الفارق الجوهري بين التيارات الإسلامية في كل من مصر والجزائر: فمثلما أنّ «الإخوان المسلمين» المصريّين يضعون نصب أعينهم هدف أسلمة المجتمع، بينما «إخوانهم» الجزائريّون استهدفوا أسلمة الدولة مباشرة، هكذا، فإنّ أربكان أراد إعادة الهوية الإسلامية إلى الدولة مباشرة، بينما رأى أردوغان أن الوسيلة الفضلى لإعادة الاعتبار للمسلمين الأتراك ولحقوقهم هي عبر إعادة الهوية الإسلامية للمجتمع.

ولكثرة التشدّد الاسلامي لأربكان، يرفض بعض الأتراك مقولة أنّ «العدالة والتنمية» هو حزب إسلامي، على قاعدة أن أحزاب أربكان (النظام الوطني، ثم السلامة الوطني، والرفاه والفضيلة وأخيراً السعادة)، هي الأحزاب الإسلامية «الحقيقية». لكنّ التشدُّد شيء، و«صرف» هذا التشدُّد في الإنجازات السياسية شيء آخر؛ هكذا، أمكن قراءة الانتقاد الأقسى بحقه في صحيفة «توداي زمان» التي كتبت عنه، في ما يشبه النعي، أمس، أنه «يؤخَذ عليه استسلامه بسرعة قياسية واستقالته إثر نشر الجيش دباباته في الشوارع في 28 شباط 1997».

ولدى المدافعين عن جرأة أربكان الإسلامي، وعن أحقيته بصفة الإسلامي التركي الأبرز على الإطلاق، الكثير من الأدلّة، وهو الذي أدخل أول امرأة محجبة إلى البرلمان التركي في 1999، وهو ما يمنعه الدستور والقانون التركيان.

كسرت مواقفه جميع الخطوط الحمراء لجمهورية مصطفى كمال: ـــ إسرائيل عدوّة المسلمين. ـــ العلمانية أداة لقمع الإسلام والمسلمين. ـــ الاتحاد الأوروبي نادٍ مسيحي وقيمه مسيحية مناقضة لقيم المسلمين. من هنا دعوته الشهيرة إلى إقامة اتحاد للدول الإسلامية (بدل الاتحاد الأوروبي الذي كان يصفه بـ«الخرقة البالية»)، ومجلس أمن إسلامي (بدل مجلس الأمن الدولي)، وعملة إسلامية موحّدة (بدل الدولار أو اليورو في ما بعد)، وصندوق نقد إسلامي (بدل صندوق النقد الدولي). ـــ إصراره على مشروع بناء مسجد كبير وسط ساحة «تقسيم»، رمز إسطنبول وعلمانيتها، وهي التي ستحتضن جثمانه غداً، رغم أن مسقط رأسه هو في سينوب على البحر الأسود. ـــ عدم زيارته أي دولة أوروبية، خلال تولّيه منصب رئاسة الحكومة لستة أشهر (حيث كان أول رئيس حكومة إسلامي في تاريخ الجمهورية التركية)، وحصر علاقاته الدولية بدول إسلامية زارها وعزّز علاقات تركيا بها، كإيران ومصر وماليزيا وليبيا.

ومن إنجازاته الإسلامية، تسجيل ارتفاع قياسي في عدد معاهد «إمام خطيب» الدينية في عهد مشاركة حزبه «السلامة الوطني» في الحكم. كان عدد هذه المعاهد، التي تُخرِّج الأئمة، 72 في 1972، فوصل إلى 339 في 1979، وذلك خلال فترة تولّي الرجل منصب نائب رئيس الحكومة في عهدي بولنت أجاويد وسليمان ديميريل. ولا يزال أتباع أربكان يتفاخرون حتى اليوم بأن زعيمهم عزّز من مكانة وزارة الشؤون الدينية ورفع موازنتها على نحو هائل، وأنه هو مَن أرسى الأرضية التي تسمح لأردوغان ورفاقه حالياً، بالحكم بقوة في وجه العلمانيين والعسكر.

يكفي أتباع أربكان والحريصين على عدم «سرقة أحقيته بكونه أبرز زعيم إسلامي»، التذكير بأن زعيمهم تحمّل أشرس حملة في تاريخ تركيا ضد التيارات الإسلامية. حملة طالت كل شيء: حظر حزبه، ومنعه من مزاولة العمل السياسي، وسجن قادته (بينهم أردوغان، رئيس بلدية إسطنبول في حينها)، ومنع الطالبات المحجبات من التعلُّم في الجامعات، وإغلاق الصحف الإسلامية، والتشديد على مضامين خطب أئمة المساجد. كل ذلك إضافة إلى التضييق على المتخرجين من معاهد «إمام خطيب» من ناحية منعهم من تولّي وظائف حكومية...

رغم كل ذلك، لم يصل يوماً إلى حصد غالبية نيابية كبيرة مثلما حصل مع «العدالة والتنمية» في ما بعد، وهو ما يرى كثر أنّه سبب الحقد الأعمى لأربكان على تلامذته السابقين: تمكّن التلامذة من إنجاز ما عجز عنه الأستاذ. وفي هذا السياق، يجمع المتخصّصون في الشأن التركي، على أنّ فشل الدكتور أربكان لم يكن سوى نتيجة تعنُّته وإصراره على الوصول الى أهدافه من خلال مواجهة «الدولة» بأجهزتها كلها. فحياة الرجل كانت عبارة عن مواجهات متواصلة مع حماة العلمانية، من الجيش والقضاء وحزب أتاتورك (الشعب الجمهوري)، من دون أن تشهد مسيرته على أي حقبة من المهادنة.

وعن هذا الموضوع، يجري الدكتور محمد نور الدين مقارنة بين سلوكَي أربكان وتلميذه أردوغان، ليخلص إلى أن «الفشل» كان حتمياً بالنسبة إلى أربكان، والنجاح طبيعياً لأردوغان الذي بدأ مسيرته السياسية بتشدد يتجاوز أربكان بأشواط، قبل أن يفهم أن النجاح مكتوب للالتفاف لا للمواجهة، وللبراغماتية لا للتصلُّب.

البدايات
بدأ أربكان، الإسلامي النقشبندي الهوى، حياته السياسية الفعلية عام 1969 بفوزه بمنصب نيابي عن مدينة قونية مستقلاً، بعد انشقاقه عن حزب ديميريل، «العدالة». ولم يكن مر وقت طويل على عودته من ألمانيا، حين جمع كل قناعاته السياسية (الإسلامية) و«نظرياته» الاقتصادية (التنموية التصنيعية الليبرالية) في كتيّبه الشهير الذي نشره في 1969 بعنوان «ميلي غوريش» (النظرة الوطنية). وسرعان ما تحوّل «ميلي غوريش» من عنوان كتيّب إلى اسم لأكبر جمعية مثّلت ولا تزال أتراك أوروبا، إذ كانت تضم في 2005 نحو 87 ألف عضو، 50 ألفاً منهم في ألمانيا وحدها.

أبرز ما يميز إسلامه أنه يجمع بين التحديث الاقتصادي والقيم الأخلاقية والتقليدية الإسلامية المحافظة. حاول ترجمة «نظريته» بأول أحزابه عام 1970، «النظام الوطني»، الذي لم يعش أكثر من عام واحد، إذ حُظر فهرب مؤسّسه من البلاد، ليعود في 1972 ويؤسّس «السلامة الوطني». فاجأ الجميع بنيل حزبه في انتخابات 1973، 8.11 في المئة من الأصوات، ما أجبر «الشعب الجمهوري» على التحالف معه في 1974، ونيل أربكان منصب نائب لرئيس الحكومة (أجاويد) في حينها. وبعدها في عامي 1975 و1977 تكرر الأمر مع ديميريل.

ظلّ الرجل يصارع العسكر في ما يشبه معارك كر وفر وحظراً مستمراً لأحزابه، إلى أن حانت نهايته السياسية: الانقلاب الأبيض عليه الذي لم يشهد العالم له نظيراً ربما، وهو ما تعكسه الأدبيات الغربية بوصفه أنه «post modern coup detat». نهاية مأسوية بما أنّ نجمه أفل بالكامل رغم بقاء آخر أحزابه (السعادة) على قيد الحياة.

لم يتحمّل الرجل الثمانيني أن ينجح تلامذته بما فشل فيه هو، فختم حياته بتصنيفهم، أردوغان وغول تحديداً، وحزبهما، في خانة «عملاء الحركة الصهيونية». ورغم ذلك، ظل الأبناء أوفياء لأستاذهم السابق: في أيلول 2008، أصدر الرئيس غول عفواً رئاسياً خاصاً عن أربكان المحكوم بالإقامة الجبرية بسبب تهمة سرقة مليون دولار من أموال حزبه «الرفاه»، إثر حظره قانونياً. أما أردوغان، ففي كل مرة كان يُسأل فيها عن المواقف العدائية لأربكان ضده وضد رفاقه، ظل يرفض التعليق بأي كلمة ضد المعلم والأب الروحي.

أغلب الظنّ أنّ أردوغان وغول سيحضران مراسم دفن أربكان في إسطنبول غداً، وقد يتمتمان ضمناً ما مفاده: لا تحزن، فالحركة الإسلامية لم تمت من بعدك.
نقلا عن الأخبار اللبنانية


نجم الدين أربكان .. صانع أسس تركيا الحضارية

عبد الباقي خليفة 

شيع ملايين الأتراك، ومن ورائهم المسلمون في أصقاع العالم، صانع نهضة تركيا الحديثة، ومحيي أسسها الحضارية العميقة، نجم الدين أربكان( 1926 / 2011 م ) يوم الأحد 27 فبراير 2011 م عن عمر ناهز الـ 84 عاما. وذلك بمشاركة الرئيس عبد الله جل، ورئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، الذي قطع زيارة رسمية لأوربا لحضور جنازة "المعلم" والمؤسس للحركة الإسلامية الحديثة في تركيا، ورفيق دربه  رجائي طوقان. إلى جانب زعماء إسلاميين منهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد مهدي عاكف، رئيس حزب النهضة في تونس، الشيخ راشد الغنوشي، وممثلون عن حركة حماس، وزعماء إسلاميون، والكثير من العلماء والقيادات الإسلامية في العالم. ومهما اختلفنا مع أربكان أو اتفقنا معه فالرجل معروف بدماثة أخلاقه، وقدرته على التفكير الصائب، فعندما رأى بعض تلامذته، تشكيل حزب مواز، لم يزد عن المطالبة بضرورة وحدة الصف، مع الاختلاف في الرؤى.

 لقد بكى الكثيرون أتراكا وغيرهم عند سماع نبأ وفاة الرجل الذي نظر حياته لخدمة بلده وأمته حتى وهو يصارع الموت، فقد نقل عنه رحمه الله أنه كان يوصي بكيفية التعامل مع المستجدات في البلاد الإسلامية، وتحديدا تونس، ومصر، وليبيا.

ولا غرو فإن نجم الدين أربكان هو من عمل على توطيد العلاقات مع البلاد الإسلامية، في وقت قطعت فيه العلمانية التركية أواصر البلاد الحضارية، سواء مع العرب أو غيرهم من المسلمين. فقد ساهم مساهمة فعالة جدا في تذويب الجليد بين الأتراك والعرب، وبين الأتراك وبقية المسلمين في العالم. من خلال إحياء الثقافة الإسلامية، ونشر اللغة العربية التي كان يفهمها جيدا. وذلك قبل أن يصبح رئيسا للوزراء، وقبل أن يطاح به من قبل الجيش، سنة 1996م ، بدعوى تقويضه للنظام العلماني المفروض في تركيا، والسعي لتطبيق الشريعة الإسلامية.

 لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة رسالته، وفق المنظور الذي كان يؤمن به، وكان آخر عهده تأسيس حزب السعادة .الذي رغب أن يكون رافدا لحزب العدالة والتنمية ،الذي أصبحت له رؤيته الخاصة، في التفاعل مع موازين القوى في البلاد، مع العمل على تغييرها باستمرار وحسب الظروف لتتوافق مع الأهداف الحضارية للشعوب الإسلامية، التي فرقتها النعرات القومية،والطائفية، والمصالح الأنانية للغرب، وبعض الأطراف الداخلية الفاسدة، التي تفضل مصالحها الشخصية والفيئوية والأسرية على المصالح العامة، والمرامي الاستراتيجية لطلائع الأمة الحضارية .

حياة حافلة بالعطاء: هو نسل الأمراء السلاجقة، الذين عرفوا في تاريخ تركيا، وكان جده آخر وزراء ماليتهم وكانت أسرته تلقب، بآل الوزير. بدأ أربكان رحمه الله ، حياته بكل همة وجد وكان متفوقا في دراسته، فقد أنهى دراسته الثانوية في عام 1943 م، ليلتحق بكلية الهندسة المكيانيكية،التي تخرج منها سنة 1948 م وكان الأول في دفعته، مما أهله لأن يكون معيدا فيها. وفي 1951 م أرسل في بعثة إلى ألمانيا لينال في 1953 م شهادة الدكتوراة في هندسة المحركات.

 وقد عاد إلى تركيا ليعمل أستاذا في الجامعة وابتكر محرك دبابات تعمل بكل أنواع الوقود. وفي 1965 م كان عمره 29 عاما، أي أصغر أستاذ جامعي في تركيا آنذاك، وهو أول صانع لمحرك ديزل لا تزال الشركة المصنعة تعمل على انتاجه حتى الآن.

 ولم يشفع له ذلك أمام الجهلة من العلمانيين الذين هاجموه لصالح ما وصفوه "بالاخوة الماسونيين " ضد " الإخوان المسلمين". وأصبح رئيسا لاتحاد النقابات المهنية، ثم انتخب عضوا في مجلس النواب عن مدينته قوينة، لكنه منع من المشاركة في الحكومات المختلفة .

ويعد البروفيسور نجم الدين أربكان، من أبرز الزعماء الاسلاميين في تركيا، وأشد من تحدى ظلم وظلمات العلمانية في بلد الخلافة العثمانية التي خطفت تركيا، في غفلة من الزمن، وفي وقت كان فيه قلب البلاد الاسلامية وأطرافها تشكو ضعفا شديدا ومرضا مزمنا وغزوا خبيثا. أنشأ أربكان عام 1970 م حزب النظام الوطني، الذي كان أول تنظيم سياسي يعلن بوضوح هويته الاسلامية، منذ ردة مصطفى كمال أتاتورك وحمله تركيا على الردة الشاملة سنة 1924 م.

 ولم تمض 9 أشهر حتى تم حل الحزب، بعد انذار من قائد الجيش آنذاك محسن باتور. فقام أربكان بتأسيس، حزب السلامة عام 1972 م، وفاز ب 50 مقعدا، مما أهله عام 1974 م من دخول الحكومة الائتلافية مع حزب ، الشعب الجمهوري، الذي أسسه أتاتورك ، فكان بمثابة موسى في قصر الفرعون . وتولى أربكان منصب نائب رئيس الوزراء، وشارك رئيس الوزراء بولند أجاويد في اتخاذ قرار التدخل في قبرص في نفس العام . ومن ذلك الحين أصبح التيار الاسلامي معترفا به في تركيا عمليا. وكان أربكان واضحا في مطالبه، وهو ما أجج الحرب ضده من قبل خصوم تركيا الحضارية، حيث طالب وبشدة لتجريم المأسونية أو منعها في تركيا، واغلاق محافلها المشبوهة .

لا سيما وهو يعلم أنها وراء انهيارالخلافة العثمانية إلى جانب الأسباب الداخلية . وعمل على توسيع الاتصلات والانفتاح مع العرب والمسلمين، وتبني القضية الفلسطينية واعلان عدائه للكيان الصهيوني الذي اغتصب الأرض وهجر الشعب الفلسطيني واستولى على أراضيه ودنس مقدساته.ومن أوقاله في هذا المضمار" إن قضية فلسطين ليست للفلسطينيين وحدهم وليست للعرب وحدهم وإنما هي قضية كل المسلمين". وفي عام 1980 تقدم بمشروع قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، وحجب الثقة عن وزير الخارجية آنذاك خير الدين أركمان بسبب تأييده للكيان الصهيوني .

وبدا التغلل الصهيوني واضحا في الجيش التركي، بعد قيام الجنرال كنعان ايفيرين بانقلاب على الحكومة بعد تلك السلسلة من المطالب والانجازات. وأدخل أربكان السجن حتى سنة 1983 م حينما أسس حزب الرفاه الوطني، الذي شارك في الانتخابات التي جرت في نفس العام، ولم يكن مستعدا لها، لكنه في انتخابات  1996 م حصل على الأغلبية، وشكل الحكومة مع حزب الطريق القويم، برئاسة رئيسة الوزراء السابقة، تانسو تشيلر.

 ويعد أربكان أول من فتح المجال مع الشراكة الاستراتيجية مع العالم الاسلامي، عام 1996 م حيث زار العديد من الدول العربية، وشكل مجموعة الدول الثماني الاسلامية التي تضم أكبر 9 دول اسلامية. ولم يكن ذلك ضغطا على الاتحاد الاوروبي، وإنما توجها استراتيجيا لاستعادة المجد الحضاري للاسلام والمسلمين في العالم.أما على المستوى الشعبي والايديولوجي عمل أربكان على تشكيل مؤتمر عالمي للقيادات الاسلامية. ولذلك تم حظر حزب أربكان سنة 1998 م  فأسس حزب الفضيلة ، الذي تم حظره في سنة 2000 م.

 وفي 2003 م أسس أربكان حزب السعادة الذي كان سيخوض به الانتخابات القادمة ، لكن المنية عاجلته ، فرحمه الله ورزقنا وإياه الفردوس الأعلى في الجنة..كما ناضل نجم أربكان، وبقوة وعزم معروفين عنه، محاولات الجيش متمثلة في قيادته السابقة، تغييرالآذان من اللغة العربية إلى التركية. وقدم الجيش التركي إلى أربكان، قبل إجباره على الإستقالة سنة 1997 م ، أي عام عام واحد من توليه رئاسة الوزراء، 24 مطلبا لتقوم الحكومة بتنفيذها لتفادي الانقلاب العسكري ومن بينها أن يصبح الآذان باللغة التركية، وأن يتم حظره باللغة العربية، ولكنه رفض ذلك، مما دفع الجيش للقيام بانقلاب عسكري في 28 فبراير 1997 م.

الصراع مع الموت الحضاري: لقد ربح أربكان الصراع، مع الموت الحضاري، الذي عرفته تركيا منذ قيام الجمهورية الكمالية، سنة 1923 م. فهو لم يكن موتا سرمديا، وحتميا، كالذي استسلم له أربكان، نهاية فبراير الماضي. وإنما صراع بآليات التدافع التي أتقنها اسلاميو تركيا، وحققوا من خلالها انجازات عظيمة لبلادهم وللأمة. لقد وضعوا تجربة بلادهم السابقة في سياق تاريخي، حتمته ظروف الضعف التي انتابت الأمة الاسلامية، مع أفول شمس الخلافة الإسلامية رسميا سنة 1924 م.

 ثم تدرجوا في عملية التغييرالمجتمعي، بما يحول وصدامهم مع المؤسسات العلمانية القوية ( سابقا ) كالجيش، والقضاء، والسلطة الننفيذية، وفروع كل ذلك في مؤسسات التعليم، وبقية مؤسسات الدولة . وهو ما يؤهل التجربة التركية لأن تكون نموذجا يحتذى في الكثير من البلدان التي شهدت تغولا علمانيا، بقوة الحديد والنار، والعمالة للغرب، وليس بالعلم والافكار، التي بقيت العزاء الوحيد للحركة الاسلامية، في تونس، ومصر، والمغرب، والجزائر، وموريتانيا، وليبيا، وغيرها من الدول المماثلة أو المشابهة لها.

 وبالتالي ساهم أربكان، والحركة الإسلامية التركية في ايجاد نموذج يختلف عما تؤاخذ عليه نماذج أخرى، كطالبان، والسودان، والجزائر. مع التأكيد على أن النوذج التركي للتغيير، جاء من خلال المشاركة في الانتخابات، دون حاجة لخروج الجماهير للشارع كما هو الحال في تونس، ومصر، وليبيا، واليمن، وعمان، والأردن، والبحرين، وغيرها.

لقد نجح أربكان، في تجنب الصدام المباشر مع قلاع العلمانية المتصدعة في تركيا، مما يعطي نموذجا حيا على كيفية إدارة عملية التدافع، من خلال كسب الخصوم، أوالكثير ممن يقفون في صفوفهم إلى جانب المشروع الحضاري للأمة، وليس بزهم أو إفحامهم، فتلك طريقة مريضة، ولا تؤدي سوى لمزيد من الشحناء والبغضاء وحقد الخصوم. مستخدما نهجا قرآنيا فريدا في التحدث للخصوم" وإنا أوإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين "سبأ الآية 24 .

كما قدمت تركيا بأفكار أربكان، الحجة على إمكانية استيعاب الإسلام للنظم الحديثة، وهو ما عمل الفاسدون المفسدون في البلاد العربية على الترويج لنقيضه، وهو أن الإسلام يحول دون ولاية الأمة، بينما هو النظام الوحيد الذي أكد على عدم شرعية أي حكم بدون تفويض حقيقي" لعن الله رجلا أم قوما وهم له كارهون" وقد أصل الإمام مالك، لهذا الأصل بالقاعدة الشهيرة " ليس على مستكره يمين" أي لا شرعية للانتخابات المزورة، أوالبيعة المدخونة. وبذلك يبرهن على مدنية الدولة في الإسلام، وعلى مرجعية الأمة في من يتولى حكمها .

لقد مكنت تركيا ذات التوجه الإسلامي الذي أسس له نجم الدين أربكان، من أن تؤدي دورا محوريا، لم تكن لتقوم به لو بقيت على تطرفها العلماني، وهو دور يبدو واضحا في المشرق الإسلامي، والمغرب الإسلامي، والبلقان، وأوربا الشرقية ، بل في أوربا والولايات المتحدة، ومن بينها قضايا تحالف الحضارات، والسلام العالمي، والتوازن الدولي، والحكم الرشيد.

 وهي الخصائص التي مكنت حزب العدالة والتنمية من تحقيق نتائج اقتصادية مذهلة، وعائدات تصدير تزيد عن 70 مليار يورو سنويا، عكس نجاحها المتتالي في الانتخابات منذ 2002 م وحتى آخر انتخابات جرت في 2007 م. وأصبحت تركيا في ظل العدالة والتنمية قوة عظمى، في حين كانت غارقة في فساد طبقتها السياسية، وديونها الأوروبية، وتدخل عسكرها الفج في السياسات الداخلية والخارجية. ومن ثم تمكن الإسلاميون في رفع الظلم جزئيا عن المحجبات في الجامعة، وعن الكثير من الممنوعات الظالمة، بما في ذلك حرية الإعلام، وتخليص مؤسسة، مجلس الأمن القومي، من ديكتاتورية العسكر إلى مؤسسة مدنية، وتعميق أسس حقوق الانسان، والتخفيف من غلواء التطرف القومي.

وقد ساعد التيار الاسلامي، على تجذيره للإصلاحات الحضارية، حالة التدين العام في المجتمع التركي الذي مثل بدوره ضغطا على الكتل الصماء التي أصبحت من مخلفات التطور. فسبعين في المائة من نساء تركيا يرتدين الحجاب، رغم التضييقات التي ساهمت بدروها في انتشاره .

 وربما يكون أكبر انجاز حققه الإسلاميون في تركيا، هو الجدال الدائر حولهم، وحول مدى اسلاميتهم. وهو لعمري ضربة معلم، كما يقال، وبكل المقاييس. فالألوان الفاقعة، تثير ثيران الصراع الأيديولوجي، والمهووسين باللون الأخضر، بدل الأحمر في حلبة صراع الثيران الاسبانية والكولومبية.

ومن مآسي التطرف العلماني في تركيا، هو أن ضباط الجيش كانوا يطردون بتهمة التدين، مثل المقدم في الجيش التركي سابقا كمال شاهين الذي يروي في شهادته فصولا تدمي القلب، فيقول:" كان بعض ضباط الجيش يخفون زوجاتهم وبناتهم المحجبات في المقعد الخلفي للسيارة، ويضعون فوقهن أغطية حتى يتمكنوا من عبور بوابات الأمن العسكري الموجود على مداخل منازلهم بالتجمعات السكنية العسكرية" ويضيف"  كان الحال يصل ببعض الضباط إلى إخفاء زوجاتهم في المخازن الخلفية لسياراتهم، بينما كانت التحريات متواصلة حول عدم وجود أي توجه ديني لدى الضباط أوأسرهم ".

وهكذا رحل أربكان، بعد حروب، أهلته ليحمل لقب" المجاهد أربكان" لم يسم نفسه بذلك وإنما لقب توجه ( بتشديد الواو ونصبها) به شعبه، بعد أن نجح في أن يكون مهندسا ناحجا في محركات الديزل، ومهندسا ناجحا في هندسة الحركة الإسلامية في تركيا. فقد حول الحركة الاسلامية من فئة مستضعفة إلى قوة ورقم يصعب تجاوزه، ويستحيل إفناءه حتى لو حاول الجيش فعل ذلك .

 فلا مجال للانقلابات بعد اليوم، وكما علمت الحركة الإسلامية في تركيا الكثير من الإسلاميين في العالم، فهي اليوم تستلهم نضالات الشعوب العربية في تونس، ومصر، وليبيا، وغيرها، من أجل افتكاك حقوقها ومنع الجيش من مصادرتها، مهما كلف ذلك من ثمن . رحم الله أربكان، فقد خلد اسمه في سجل الصديقين، وتاريخ أمة تنهض من جديد، بعد سبات القرون ...
المسلم

مستقبل الإسلاميين في تركيا بعد رحيل أربكان

قادة حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يبدون حرصا شديدا منذ تأسيس الحزب في عام 2001 على رفض تصنيفه كحزب إسلامي أو امتداد للحركة الإسلامية السياسية التي أسسها رئيس الوزراء الأسبق نجم الدين أربكان، ويصفونه بـ"حزب ديمقراطي محافظ" يحترم مبادئ الديمقراطية والعلمانية ولا يعادي الغرب ويرفض استخدام الدين وسيلة لتحقيق أهداف سياسية.

بالإضافة إلى ذلك، أعلن أردوغان أكثر من مرة أنه خلع "قميص مللي غوروش"، أي تخلى عن الخط السياسي الذي تمثله جماعة أربكان، ولكن لم يكن من المعقول أن ينسلخ أردوغان وأصدقاؤه عبد الله غول وبولنت أرينتش وغيرهم عن جميع الآراء التي نشئوا عليها ودافعوا عنها سنين طويلة.

ديمقراطيون ذوو جذور إسلامية

 ومن هنا، لجأ بعض المحللين إلى الجمع بين ما اختاره قادة الحزب للتعريف بحزب العدالة والتنمية وبين علاقات هؤلاء بجماعة أربكان في الماضي، ليكون الوصف أكثر دقة فقالوا إنه "حزب ديمقراطي ذو جذور إسلامية".

نجح حزب العدالة والتنمية في الحصول على معظم أصوات الإسلاميين الأتراك، رغم ابتعاده عن الخطاب التقليدي للسياسيين الإسلاميين، وظلت نسبة ضئيلة منهم تعارض هذا الحزب الذي أسسه المنشقون عن جماعة أربكان وتدافع للحفاظ على النهج السياسي التقليدي للحركة الإسلامية في تركيا.

 فهؤلاء أسسوا حزب الفضيلة بعد حظر حزب الرفاه وانشقاق أردوغان ورفاقه إلا أن حزب الفضيلة أيضا تم حظره من قبل المحكمة الدستورية بتهمة أنه امتداد لحزب الرفاه فأسسوا حزب السعادة.

معارضة حادة وجارحه

اتسمت معارضة حزب السعادة لحكومات غول وأردوغان بالحدة والتجريح والهجوم على طلاب أربكان القدامى بلهجة شديدة، واتهام حزب العدالة والتنمية بالعمالة لأمريكا والخدمة لأجندة الصهيونية العالمية، بل ذهب نجم الدين أربكان الذي كان يدير الحزب من وراء الستار إلى أبعد من ذلك فوصف حكومة أردوغان بـ"خادم الخنازير"، ومؤيدي حزبه بـ"أولاد البيزنطيين"، وقال في أحد تجمعات حزب السعادة قبيل انتخابات 22 يوليو/تموز 2007  "إن من يعطي صوته لحزب العدالة والتنمية، فقد قطع لنفسه تذكرة إلى جهنم".

هذه اللهجة الشديدة انعكست سلبيا على سمعة حزب السعادة وشعبيته، وأدت إلى الانزعاج والاستياء في أوساط شباب الحزب والمنصفين من أنصاره، ورأى هؤلاء أن التعامل مع حزب العدالة والتنمية وقادته بهذا الأسلوب العدواني لن يخدم الحزب، بل سيؤدي إلى نفور الناخبين الذين يشاهدون ما حققته حكومة أردوغان من النجاحات الاقتصادية والسياسية ومعركتها مع القوى العلمانية المتسلطة لتعزيز الحريات والديمقراطية والحد من تدخل العسكر في الشؤون السياسية.

لم تكن لهجة حزب السعادة في معارضته لحكومة أردوغان وحدها محل نقاش في صفوف الحزب، بل كانت هناك مسائل أخرى يختلف فيها شباب الحزب عن القادة المسنين، وكان الخطاب السياسي الذي يجب على الحزب أن يتبناه في مخاطبة الناخبين في ظل التغيرات التي يشهدها العالم من تلك المسائل.

بينما كان "ذوو الشعر الأبيض" من القادة يصرون على الخطاب التقليدي الذي وُضعت كثير من مفرداته من قبل أربكان، سواء ما يتعلق بالسياسة الداخلية أو الخارجية، رأى الشباب أن هذا الخطاب يعود إلى حقبة الحرب الباردة وأنه من الضروري أن يواكب خطاب الحزب عقلية الأجيال الجديدة وثقافتها، وأصبح في داخل حزب السعادة تياران؛ تيار يقوده نجم الدين أربكان وآخر يتزعمه نعمان كورتولموش، وهكذا ظهرت بوادر انشقاق جديدة.

وكانت هناك مشكلة أخرى عززت الانقسام في صفوف حزب السعادة ، فبينما كانت عائلة أربكان تحاول فرض سيطرتها على الحزب، عارض جناح كورتولموش هذه المحاولة بقوة، فتفجرت في المؤتمر الرابع المنعقد في 11 يوليو/تموز 2010 أزمة كبيرة واتهم أنصار أربكان رئيس الحزب والمرشح الوحيد للرئاسة نعمان كورتولموش بإقصاء عائلة أربكان ورفاق دربه من القيادة وانسحب معظم أعضاء الحزب من الصالة ولم يصوت لكورتولموش إلا 310 أعضاء فقط من أصل 1250 عضوا.

هذا الخلاف الداخلي في حزب السعادة حسمته محكمة الصلح في أنقرة بقرار إلغاء نتائج المؤتمر وتعيين ثلاثة من المسئولين من جناح أربكان للإشراف على الحزب وتنظيم مؤتمر عام من جديد، ما دفع كورتولموش وأنصاره إلى الاستقالة من حزب السعادة وتأسيس حزب جديد بدلا من الخوض في معركة أخرى مع التيار التقليدي.

هذه التطورات تركت في نفوس المؤيدين لـ"المعارضة الإسلامية" آثارا سلبية ودفعتهم إلى النفور منها وصبت في مصلحة حزب العدالة والتنمية الحاكم. الانشقاق الأول من الحركة الإسلامية السياسية، أي انشقاق أردوغان ورفاقه جرى بشكل سلس نوعا ما مقارنة بانشقاق نعمان كورتولموش وأصدقائه.

 فأردوغان ورفاقه لم ينضموا إلى حزب الفضيلة الذي تم تأسيسه بعد حظر حزب الرفاه وأسسوا حزب العدالة والتنمية، وأما كورتولموش وأصدقاؤه فدخلوا في معركة مع جناح أربكان بدت وكأنها مجرد صراع على الكرسي وبالتالي خرج منها الطرفان بالخسارة.

كانت نسبة التأييد لحزب السعادة وصلت إلى 6.5 بالمائة قبل الانشقاق الأخير وكان الحزب مرشحا في رئاسة كورتولموش لتجاوز 10 بالمائة ودخول البرلمان في الانتخابات القادمة إلا أن هذه النسبة تراجعت الآن إلى 0.8 بالمائة حسب ما تشير استطلاعات الرأي.

 أما حزب صوت الشعب الذي أسسه نعمان كورتولموش وأصدقاؤه بعد استقالتهم من حزب السعادة فتبدو نسبة التأييد له في استطلاعات الرأي حوالي 0.6 بالمائة فقط.

لا شك أن حزب العدالة والتنمية هو المستفيد الأكبر من تراجع نسبة التأييد لحزب السعادة، ومعظم الناخبين الذين تركوا حزب السعادة اتجهوا إلى حزب العدالة والتنمية لترتفع نسبة التأييد للحزب الحاكم إلى 46.9 بالمائة بعدما كانت 38.8 بالمائة في الانتخابات المحلية في 2009.

كان نجم الدين أربكان يترأس حزب السعادة رغم كبر سنه البالغ 85 عاما إلى أن وافته المنية في السابع والعشرين من شباط / فبراير 2011 وكان يعاني في أيامه الأخيرة من تردي وضعه الصحي ويرقد في مستشفى بالعاصمة التركية إلا أنه لم يترك ممارسة السياسة حتى آخر أنفاسه والتقى مع عدد من قادة الحزب في المستشفى لتدارس الاستعدادات للانتخابات البرلمانية.

إسلاميو السعادة بعد رحيل أربكان!

رحيل الزعيم التاريخي للحركة الإسلامية السياسية خسارة كبيرة لحزب السعادة لأنه كان محل إجماع، الجميع في الحزب كان يسمع كلامه ويطيع، ولأن هناك سؤالا كبيرا أمام حزب السعادة وهو "من سيقود الحزب؟" فمهما كان حجم وثقل من يتزعم حزب السعادة فلا يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركه أربكان.

ويرى بعض المراقبين أن فاتح أربكان، النجل الوحيد لنجم الدين أربكان، والذي يتولى حاليا منصبا قياديا في الحزب، قد يترشح لرئاسة الحزب إلا أن آخرين يستبعدون ذلك في هذه المرحلة لكي لا يبدو الأمر كـ"التوريث". ويرى هؤلاء أن رئاسة حزب سيتولاها أحد من المقربين لعائلة أربكان في مؤتمره الذي سينعقد وفقا للقانون خلال 45 يوما بعد وفاة رئيسه.

يواصل حزب السعادة هجومه على حزب العدالة والتنمية وقادته بالتهم نفسها مع تخفيف يسير في لهجته، ولكنه غير قادر على إقناع الناخبين بأن حزب العدالة والتنمية يخدم الأجندة الأمريكية والصهيونية بينما يصفق لمواقف أردوغان المشرفة العالم الإسلامي بأكمله.

وفي نظر بعض المراقبين، فإن هجوم أربكان الراحل والآخرين من قادة حزب السعادة على أردوغان وحزبه يعود إلى عقدة نفسية تشكلت لديهم بسبب عدم تقبلهم لحقيقة أن تلاميذهم نجحوا في تحقيق ما فشلوا فيه.

إسلاميون بنكهة "اشتراكية"

أما حزب صوت الشعب بزعامة نعمان كورتولموش فيعاني بالدرجة الأولى من عدم وجود فراغ في الخارطة السياسية يسمح له بالتحرك،  فهو في الغالب لا يعارض إجراءات حكومة أردوغان كما يعارض حزب السعادة، بالإضافة إلى أن انشقاق كورتولموش وأصدقائه من حزب السعادة وتأسيسهم حزبا سياسيا آخر ترك في الشارع التركي ولدى الأوساط السياسية انطباعا بأنهم يقلدون أردوغان وأصدقاءه ويريدون أن يسيروا على نفس الطريق الذي سار عليه حزب العدالة والتنمية.

وهناك اتهامات موجهة لحزب صوت الشعب بأنه خليط من الإسلاميين والليبراليين واليساريين وأن خطابه السياسي يحمل نكهة ما يسمى "الاشتراكية الإسلامية".

تركيا مقبلة على الانتخابات البرلمانية التي ستجري في 12 يونيو/ حزيران 2011 في ظل انقسام وضعف المعارضة الإسلامية. ومن المتوقع أن تجري المنافسة المحتدمة في هذه الانتخابات بين حزب السعادة وحزب صوت الشعب: أيهما يمثل فعلا المعارضة الإسلامية؟ هذا السؤال سيجد جوابه مع فرز الأصوات وظهور نتائج الانتخابات.

إسماعيل باشا - إسلام أون لاين ـ إسطنبول 


كاتب ومحلل سياسي تركي

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية