الخميس، 26 سبتمبر 2024

حكاية المياه البيضاء ( جزء 2 )

 

حكاية المياه البيضاء ( جزء 2 )
 
وبعد شهر تقريبا عزمت على الذهاب لمستشفى مشهور وطبيب مشهور في هذا المجال له سمعة طيبة ، وذهبت مبكرا وانتظرت بالدور وفوجئت بالأعداد الكبير من النساء والرجال وأغلبهم كبار السن يعانون مما أعاني منه بدرجات متفاوتة 
 
وبعد الكشف الدقيق أكد الطبيب ما أخبرني به الطبيب السابق وأخبرته بالفوبيا التي لدي فطمأنني ان البنج الموضعي مناسب ولا يحتاج الوضع لبنج كامل وأن طبيب التخدير سيتولى هذه المسألة وكلفت العين اليسرى 12500 ريالا حيث أنني لا أمتلك تأمينا للأسف ومع أنني متقاعد قدموا لي تخفيضا بسيطا 
 
ويوم العملية كان يوما مميزا هو أول السنة الميلادية 1/1/2022م وكنت أشعر بتوتر شديد والعملية بعد الثانية ظهرا 
 
وبدأت إجراءات التحضير والرهبة تملأني أدخلوني الى غرفة وطلبوا مني خلع الثوب والحذاء وألبسوني رداء العمليات الأزرق ووضعوا على رأسي كمامة بيضاء ووضعوني على كرسي متحرك ثم قامت الممرضة بدفعي عبر ردهات المستشفى صعودا الى غرفة العمليات 
 
وأحسست بالضعف والعجز الحقيقي لأول مرة في حياتي فالحمدلله لم يسبق لي أن دخلت أي مستشفى في حياتي إلا زائرا لقريب أو كشفا لوظيفة أو عمل أما هذه المرة فأحسست بمرارة العجز والضعف والحمدلله على كل حال 
 
وأدخلت غرفة العمليات وطلب مني النوم على سرير العملية وجاء طبيب التخدير وحانت أولى اللحظات الصعبة حيث إبرة البنج في طرف العين مابين العين والأنف وقبضت بأصابعي على أطراف السرير للتقوي وشد العزم وتم الأمر ولله الحمد 
 
ثم وضعوا فوقي غطاء لا يظهر منه الا موضع العين التي ستجري فيها العملية بعد أن قاموا بتثبيت رأسي في السرير بأربطة مطاطية
وكان السواد يملأ عيني اليسرى ولم أشاهد شيئا وتساءلت عن قول أخي ترى كل شيء بعينك وحمدت الله أن طبيب التخدير فعل الواجب 
 
ولم أشعر إلا بحركات الطبيب فوق رأسي دون أي ألم وبعد دقائق قال الطبيب الحمد لله انتهينا مبروك وتنفست الصعداء 
 
وبدأت إجراءات الخروج وعدت الى نفس الغرفة وارتديت ثيابي ووضع شريط لاصق على عيني وفوقه قطعة بلاستيكة لحماية العين وطلب مني عدم لمس العين وعدم الانحناء والصلاة جلوسا مع الايماء ركوعا وسجودا لمدة ثلاثة أيام وعدم النوم على الجانب الأيسر وتجنب أي ضغط على الرأس وأعطيت نوعين من القطرات الأولى لمدة أسبوعين والثانية لمدة شهر 
 
وعدة الى المنزل والأفكار تعصف بي ذات اليمين وذات الشمال ولم أكن أشعر بعيني اليسرى تماما بفعل البنج ولا أرى بها شيئا ولا أشعر بجفني الأيسر أبدا وبعد 6 ساعات تقريبا أغلقت الإضاءات في غرفتي وبدأت أشعر قليلا بجفني الأيسر فنزعت قطعة البلاستيك ومن ثم اللاصق الذي على جفني وفتحت عيني اليسرى ببطء فرأيت النوافذ والأشياء مائلة وكأنني أحول فسارعت الى وضع اللاصق وقطعة البلاستيك وقلت لنفسي والخوف يملأني يبدو أن تأثير البنج لا يزال مؤثرا فلأنتظر حتى الصباح 
 
وفي الصباح بعد ليلة لم أنم فيها على جنبي الأيسر أبدا وبعد صلاة الفجر على الكرسي إيماء ركوعا وسجودا أخذت أزيل قطعة البلاستيك التي تجعلني أشبه قراصنة البحار القدماء وأزلت اللاصق من جفني وقد أصبحت أحس بجفني الأيسر تماما 
 
وفتحت عيني اليسرى على صورة صافية جميلة HD كما يقال ولدقائق بدوت مندهشا من جمال المنظر بالعين اليسرى بعد سنوات من الضباب والغبش والزغللة وشبه إنعدام الرؤية وحمدت الله كثيرا ولم أستطع السجود شكرا لله على النعمة والفضل ولكني فعلتها لاحقا 
 
وسبحان الله تغيرت نفسيتي للأفضل كثيرا وأحسست براحة كبيرة ولكن ظهر الفرق بين العينين واضحا فاليمنى صارت مشوشة مقارنة باليسرى الصافية والواضحة وكنت في البداية قد عزمت على عمل العملية في العين اليسرى فقط ثم أعمل نظارة لليمنى مع أن اليمنى بها نفس المشكلة ولكن بدرجة يمكن التعايش معها 
 
ولكنني عندما رأيت الفرق قررت عمل العملية في العين اليمنى أيضا 
 
وبعد أسبوع كان لدي مراجعة عندالطبيب للإطمئنان على نتائج العملية وعندما ذهبت وجدتهم يجهزون لعمل نظارة لي للتغلب على فارق النظر بين العينين الذي حدث بعد العملية فقلت لهم لا داعي لذلك أريد عمل العملية في العين اليمنى أيضا 
 
وعلى الفور تم حجز موعد في اليوم التالي وتمت الإجراءات بالصورة السابقة وزالت تلك الرهبة التي انتابتني سابقا ولكن المفاجأة التي مادارت بخلدي أنني بعد إبرة البنج في العين اليمنى لم يحدث السواد الكامل للرؤيا كما حصل في العين اليسرى 
 
 فمازلت أرى بشكل شبه واضح غرفة العمليات وما يحدث فيها وشعرت بالذعر وأسقط في يدي وعزمت من فوري على الصبر الشديد لبضع دقائق حتى ينتهي الأمر فلا مفر من هذه المواجهة المرعبة 
 
وجاء الطبيب وأدخل الأدوات في عيني وأنا أنظر ولكن لا ألم والحمدلله وقبضت بيدت على جوانب السرير لأفرغ التوتر الشديد وأحاول تقوية نفسي للثبات 
 
وبعد دقائق جاء صوت الطبيب مبشرا الحمد لله انتهينا مبروك وأغلق الجفن الأيمن باللاصق وانقطع النظر من العين مثل نهاية الفيلم 
 
وتمت الإجراءات نفسها عندما عدت إلى المنزل وانتظرت حتى صباح اليوم التالي ونزعت اللاصق وشاهدت أجمل رؤيا للأشياء من حولي بعينين رؤياها واضحة HD كما يقولون 
 
وتغيرت نفسيتي تماما وبدأت ألاحظ أشياء لم أرها من سنوات منها على سبيل المثال المطبات والحفر على الطريق أثناء قيادة السيارة ففي السابق كنت أسير خلف أي سيارة لتكون بمثابة المرشد أمامي فألاحظ اهتزازها فأعلم بوجود خطب ما على الطريق وعندما لا تكون هناك سيارة أمامي أمشي متمهلا لئلا يكون التأثير شديدا عند أكل المطب فأنا أرى سوادا أمشي عليه دون رؤية التفاصيل .
 
والحمد لله أنعم الله علي الآن بنظر سليم ودون نظارات فاللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك

حكاية المياه البيضاء (جزء1)

 

حكاية المياه البيضاء (جزء1)
ترددت في نشر هذه التجربة الواقعية التي عشتها خلال سنوات من عمري
وشرح الله صدري لعرضها ونشرها شكراً لنعمة الله وتحدثاً بها ولعلها تكون سلواناً أو محفزاً أو فائدةً لمن عافاه الله من خوضها 
 
أنعم الله علي بنظر سليم 6/6 حتى قرابة الأربعين من عمري وكنت أستخدم الكمبيوتر بكثرة لولعي به واهتمامي الكبير باستخدامه في مجال التدريس وتطوير النفس وطلب العلم وكنت أقضي الساعات الطوال أما الشاشة لا أشعر بمرور الوقت وربما جلست 7 ساعات متواصلة وأنا منهمك في عملي لا أشعر بمرور الزمن 
 
لذا بدأ النظر يضعف شيئا يسيرا لكن ليس بذي بال ولكن مع مرور السنوات أصبح الخط الصغير على الشاشة لا يرى الا بصعوبة مع تقريب العين للشاشة و تكبير حجمها 
 
وفي النهاية عملت نظارة للكمبيوتر وبعد سنوات عملت ثانية ثم بعد فترة ثالثة وسارت الأمور على مايرام حتى تجاوزت الثالثة والخمسين من العمر فبدأت المسألة تأخذ منحى آخر حيث أصبح شبه ضباب خفيف جدا في العين اليسرى ولكن لا يؤثر بشيء على حياتي 
 
وذات يوم اصطدم بي شيء رغما عني وأصابني على الجزء الأيسر من رأسي والحمدلله لم يحدث شي ولكن بعد سنوات بدأت أشعر بنوع من الخيال على عيني اليسرى ولكني لم أعر الأمر أي اهتمام 
 
وعند السابعة والخمسين من العمر بدأت المسألة في مسار آخر حيث الزغللة الخفيفة في النظر ولكنها أشد في العين اليسرى 
 
وبدأ النظر يضعف حتى مع وجود النظارة وتذكرت أبي رحمه الله ونظاراته السميكة ( كباية الشاي ) فقلت هذا من الوراثة وذهبت لعمل نظارة أقوى 
 
ولاحظت أن الكشف على العين اليمنى تم سريعا ولكن العين اليسرى كلما حاول المختص ضبط الدرجة أقول له الرؤيا غير واضحة وبعد محاولات عدة عملت نظارة كانت هي الأخيرة لأنني عندما استعملتها لم أجد أي فرق بالنظارة وبدون نظارة فتركت النظارة وكنت على وشك التقاعد ومضت الأمور كما هي ولم أحتج لنظارة وكنت أقرب وجهي من شاة الكمبيوتر وتمضي الأمور 
 
وبعد التقاعد ومع اضطراري لأخذ لقاح كورونا الأول والثاني أحسست بانحدار شديد في النظر وخاصة العين اليسرى 
 
وحاولت بالعلاجات الطبيعية وغيرها ولكن شيئا لم يتحسن وكابرت قليلا لعدة أشهر محاولا التكيف مع الوضع موهما نفسي أنني يمكن المضي مع هذه المشكلة 
 
وأصبحت لا أخرج ليلا لأن النظر يزداد سوءا في الليل أما في النهار فالأمور طيبة 
 
وأحمد الله أنني جددت رخصة القيادة قبل أن يتدهور النظر 
 
وبعد شهور ساءت الأمور أكثر فأصبح الوضع في النهار يزداد سوءا وخاصة العين اليسرى واذا كنت أقود السيارة وصادفتني شمس الصباح في شارع ما في مواجهتي فإنني لا أكاد أرى شيئا حتى يتحول الطريق
وذات يوم شكوت لبعض إخوتي الأمر فأخبرني إثنان منهم أنهم قد أجروا عملية المياه البيضاء وتحسن النظر لديهم وتركوا النظارات 
 
وتذكرت أن والدتي رحمها الله أجرت عملية المياه البيضاء فالوراثة إذن حاضرة وبقوة 
 
ولكن أخي أخبرني عندما سألته عن كيفية العملية فقال إنه أجرى الأولى ببنج كامل لم يشعر فيه بشيء أما الثانية فأجراها بعد سنة بتخدير موضعي فاستفهمت عنه فقال لا تشعر بأي ألم ولكنك ترى العملية بعينك حين يدخل الطبيب الأدوات في عينك 
 
وكانت عبارته ( ترى كل شيء بعينك ) القشة التي كسرت ظهر البعير فأصابني خوف شديد فأنا أعاني فوبيا شديدة في هذه المسألة 
 
ومضت عدة أشهر وسط مكابرة ومحاولة تعايش وتأقلم مع الوضع حتى سافرت ذات يوم نهارا وكان هناك بعض التحويلات في الطريق ولم أكن أميزها بسهولة وكدت اصطدم بخراسانات التحويلة لولا لطف الله بي 
 
وعندها قررت أن أذهب لطبيب لمحاولة اجراء العملية وذهبت عند عودتي لعيادة متخصصة وتم الكشف واتضح أن العين اليسرى متدهورة بشدة والنظر من خلالها في حدود 10% او أقل أما اليمنى فكانت في حدود 60% 
 
وسألت الطبيب عن علاج أوقطرات أو نظارات سميكة فأجاب لا علاج إلا إجراء العملية فأخبرته أن لدي فوبيا من العمليات وأنني أريد تنويما كاملا فأجاب أن التنويم الكامل في المستشفيات ولا يوجد في العيادات الا تخدير موضعي

الأربعاء، 25 سبتمبر 2024

 

*اللاءات التسعة في سورة ”الكهف.. تعرف عليها لتصحيح منهج حياتك والفوز بالجنة لاحظوا وتدبروا في لاءات *"الكهف"*
*- لتصحيح المسار:*
رااااااائعة....ستجعلك توقن أننا ما قدرنا القرآن حق قدره فيارب عفوك.
*- تعرف على اللاءات التسعة التي وردت في سورة الكهف وخاتمتها:*
*1. اللاء الأولى:*
﴿ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَآءً ظَٰهِرًا﴾. (الآية ٢٢)
في حواراتك مع الناس .. لا تدعي امتلاك الحقيقة، ولا تجادل جدالاً عقيماً زُرع في تربة الجهل وسقي بماء الظنون.. كن حكيما واسال الله الحكمة
2. اللاء الثانية:
﴿ وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا ﴾. (الآية ٢٢)
فيما يُشكل عليك من أمور .. لا تطلب الفتوى من شخص غابت عنه حقيقة ذاك الشيء.فاسألو اهل الذكر كل باختصاصه
3. اللاء الثالثة:
﴿وَلَا تَقُولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا * إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ﴾. (الآيتان ٢٣ و ٢٤).
وأنت ترسم لحظاتك القادمة.. لا تعِدْ نفسك أو غيرك بعمل شيء في المستقبل دون أن تعلق الأمر على مشيئة الله.ولا تجزم فقط أدع
4. اللاء الرابعة:
﴿وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ﴾. (الآية ٢٨).
وأنت تسير في قافلة الصالحين ..لا تصرف نظرك عنهم إلى غيرهم طمعاً في دنيا تصيبها. لا تصاحب الا مؤمنا ولا يأكل طعامك الا تقي
5. اللاء الخامسة:
﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُۥ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُۥ فُرُطًا﴾. (الآية ٢٨).
تعرّف على العنوان الذي كتبت نفسك تحته، وتحقق من كل شيء لا يقربك إلى الله؛ لأنه يشغلك عن السعي إليه .. وحينئذ لا تُطِعْ من كان غافلا عن ذكر الله وآثَرَ هواه على طاعة مولاه، وصار أمره في جميع أعماله ضياعًا وهلاكًا.ياليتني لم أتخذ فلانا خليلا
6. اللاء السادسة:
﴿فلَا تَسْـَٔألنى عَن شَىْءٍ حَتَّىٰٓ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا﴾ (الآية ٧٠).
في ممارستك لفضولك المعرفي .. لا تستعجل السؤال عن شيء قبل أن تُستكمل لك تفاصيله. ولا تحكم قبل التأكد واصبر في طلب العلم كموسى عليه السلام
7. اللاء السابعة:
﴿لا تُؤَاخِذْنِى بِمَا نَسِيتُ ﴾. (الآية ٧٣).
وأنت تطور اتجاهاتك نحو الناس تذكر أنهم بشر .. فلا تحاسبهم على سهوهم ونسيانهم أو ما استُكرهوا عليه ولا تنس ان تعتذر عند الخطأ مهما كان بسيطا
8. اللاء الثامنة:
﴿ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِى عُسْرًا﴾. (الآية ٧٣).
هناك طاقة استيعابية لكل فرد.. فلا تطلب منه مالا يستطع ولا تحمّله ما لا يطيق. رحم الله امرا عرف قدر نفسه فوقف عندها
9. اللاء التاسعة:
﴿فَلا تُصاحِبني قَد بَلَغتَ مِن لَدُنّي عُذرًا﴾.(الآية ٧٦).
في بناء علاقات قيمة.. لا تصاحب من استنفذت معه مقومات الديمومة
وشخصيته سامة لا تهدر طاقتك وحياتك مع من لا يستحق اذكر الله افضل
٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠٠
بقيت لاءٌ أخيرة تُضاف إلى تلك اللاءات التسعة المذكورة والتي وردت جميعها في سورة الكهف ؛ ألا وهي اللاء العاشرة وهي خاتمة هذه اللاءات ومِسْكُها ؛ ورقمها العاشرة بعد المئة وفي آخر آية من آيات سورة الكهف ؛
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) } .
فإن كانت اللاءات التسعة تلك والتي وردت في سورة الكهف معظمها تعتني بتربية المؤمن وتوجيهاته الإيمانية مع من حوله ؛ فإن اللاء العاشرة جاءت خُصت علاقة عمل المؤمن بمدى إخلاصه لربه ؛ لتشترط قبول العمل الصالح بألا يراد به إلا لوجه الله وحده لا شريك له
راقب نيتك
تقبل الله أعمالكم ورزقنا وإياكم حسن التدبر في آيات القرآن والعمل به.
 
منقول من خالد اندجاني

محمد الغزالي _ _كيف نفهم الاسلام _

 

إن شعوب أوربا وأمريكا تعرف عن البترول العربى أكثر مما تعرف عن القرآن العربى !!.

والبترول العربى ثروة ٬ يجهلها أصحابها٬ ويعجزون عن استخراجها٬ ولما كان الغرب بحاجة إلى هذه الثروة فهو يرسل الأخصائيين من رجاله بآلاتهم الهائلة٬ وعلومهم الدقيقة٬ لاستيراد هذا الخير الدافق٬ وإعطاء ثمنه للشعوب التي تنظر مسحورة إلى هذه الكنوز بأرضها٬ دون أن تقدر عليها٬ أو تحسن استغلالها لنفسها.

أكان المسلمون العرب ينتظرون الوفود تجئ لطلب الوحي العربي كما جاءت لطلب البترول لها!

وإنها لجديرة أن تسئ الظن بهذا الوحى وأن تحسبه مسلاة صبية أو مواريث أمة عاطلة عاجزة!

فلأقرر إذن أن اهتدائي للإسلام كان من الأقدار الحسنة. أو هو ـ في نظري ـ من النعم التي يختص الله بها من يشاء من عباده. 

ولأسرع ببيان ما أقصد من هذا الكلام : فأنا لم أرث الدين عن والدي٬ كما ورثت قصر القامة٬ وبياض البشرة بل لقد مرت على أيام فرغت نفسي من كل اعتقاد٬ وتركت لعقلي أن يوازن ويختار

 

 والذي أعانني على إيثار الإسلام: أن لغتي هي لغة القرآن٬ وأن الدراسة الناقدة له ولغيره كانت ميسرة لي : أي أن ظروف البيئة التي احتوتني هي التي جعلتني مسلما على حين حرم غيري هذه المنحة الطيبة لأن ظروف بيئته باعدت بينه وبين الاهتداء.

 

 بل لعلها زينت له الأخذ بضده٬ وملأت نفسه ثقة ورضا بما عنده٬ وليس ما عنده إلا الضلال الخادع... وآثار البيئة في الخلق والسلوك ونوع الدين لا يمكن نكرانها : ألا ترى الحديث الكريم يرد شرود الطفل عن الفطرة السليمة إلى أسرته : ` فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ` ثم ألا ترى إلى تتذيل الذي أعقب النهى إلالهي: ” ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ”

إنه يقول ” كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون ”

وانطلاق الأفراد أو الجماعات في سبل تخالف الحق ٬ ثم هي ترى ـ وفق تفكيرها الخاص ـ إنها على الحق ٬ أمر له اعتباره صحيح أنه يقلب الباطل حقا ٬ والغواية رشدا 

 

 إلا انه يوجب على أصحاب الإيمان النقي ٬ أن يرسموا لدعواتهم أسلوبا يقوم على الأناة و الإقناع و التلطف ٬ وان يتبينوا السدود التي وضعتها الأيام أمامهم فلا يحاولوا نسفها بالمتفجرات وان يقدروا الأحوال التي أحاطت بخصومهم في العقيدة أو الرأي ٬ وصاغت عواطفهم وأحكامهم على نحو معين ٬ ذاكرين أن الأحوال نفسها لو أحاطت بهم ٬ لكان لهم هذا الموقف المنكور نفسه. ولعل هذا الملحظ بعض ما عنته الآية : ”..كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا إن الله كان بما تعملون خبيرا ”.

 

قد تقول : كأنك تعتذر عن ضلال الكافرين !! والجواب لا ٬ بل أصف الدواء الناجع لشفاء عللهم أن الكفر الجدير بالاستئصال رد الحق بعدما تبين ٬ والذين ينقل إليهم هذا الحق بحاجة إلى مهله لفقهه وارتضائه رد الحق بعد ما تبين ٬ و الذين لم ينقل إليهم يحاسبون على ضوء من أصوله التي ذرأها الله في فطرتهم..

 

 والأمر بين الحالين لا يجدي فيه عجله ٬ ولا يقبل فيه الحكم العابر السريع! إن تفتيح البصائر على الحقائق الكونية الكبيرة ليس شيئا سهلا ٬ فأغلب الناس يوجد معه حجب الغفلة ويحيا وبالقرب منه مزالق قلما تقفه على الصراط المستقيم إلا قليلا . 

 

وقد شاء الله ـ تبارك اسمه ـ أن يضع كل هذا في سياسة التعريف به والدعوة إليه. فلم ينتظر من الجماهير أن تستجيب لرسوله فور سماعها له. ومن ثم أوجب عليه أن يبذر ٬ وأن يترك النضج لزمان لا يعرف مداه 

 

 زمان يصحو فيه الغافل على مهل ٬ زمان يعطي المخطئ فرصا كثيرة للعودة إلى الصواب ٬ زمان تنحل فيه العقد المنحدرة مع الوراثة ٬ أو الواقدة مع البيئة ٬ زمان تمحى فيه الأعذار التي أقامتها الحياة الفاسدة ٬ وسيطرت بها على المشاعر والأهواء. 

 

وذلك سر الوصايا الرقيقة التي حفل بها القرآن الكريم صدر الدعوة الأولى : ”فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر“ ”وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل“ ”فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون“ ”واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا“ هذه الآيات التي نزلت في عبدة الأصنام بمكة ٬ جاء مثلها في أهل الكتاب بالمدينة : ”فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا“ ”ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين“ 

 

وهي كلها تدور على محور واحد : التراخى مع الجهال والضلال ٬ حتى تنفك عنهم القيود التي غلت حريتهم العقلية ٬ وتنجاب الغيوم التي جعلت أذهانهم لا تلتقط للحقائق صوراصحية ٬ وعندما يبلغ المدعوون هذه المرحلة ويرفضون مع ذلك الانقياد للحق ٬ فإن إمكان القسوة في معاملتهم يصح التفكير فيه ٬ وهم عندما يعاقبون لا يقوم لهم .

 

عند الله ولا عند أنفسهم عذر ونحن نلاحظ أن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاض أول معركة في الإسلام وسط ظروف تستحق التنويه. لقد ظل خمس عشرة سنة يدعو أهل مكة إلى دينه بالأسلوب الذي رأيت ٬ أسلوب التذكير والإعراض ٬ والتعليم الذي يلقى الصدود بالهجر الجميل ٬ فلما أ خر ج هو وأصحابه من مكة ٬ وصودرت أموالهم بعد ما صودرت حرياتهم ٬ فرض الحصار على تجارة خصومه. وأحس أهل مكة أن قافلة لهم مهددة بالوقوع في أيدي المسلمين ٬ فخرجوا لاستنقاذها وحالف القافلة حسن الحظ فنجت.. 

 

وإلى هنا كان في وسع المشركين. أن يعودوا إلى بلدهم ليكفروا فيه ما شاءوا.. بيد أن الغرور الذي لا عذر معه ٬ والإصرار الذي يجانبه التوفيق ٬ كانا قد نسجا غطاء سميكا على عيون القوم. وبدا أن النذر الكثيرة التي سيقت إليهم لم تنجح في إيقاظ غافل ٬ ولا تبصير جاهل.

 

 وإذن.. فقد حل دور القسوة بعد ما فات أوان النصح. ويريد الله ـ لحكمة عليا ـ أن تدور هذه المعركة على غير إعداد من المسلمين ولا توثب ٬ وأن تدور بعد ما انقطع كل تطلع إلى مغنم دنيوى عاجل ٬ وأن تدور وليس للمشركين عذر قريب أو بعيد فى إشعال هذه الحرب ٬ وأن تدور بعدما استنفدت جميع وسائل الإقناع التى تصح بها العقول والقلوب المعتلة ٬ أجل ٬ دارت المعركة بين كفر خالص وإيمان خالص ٬ لأن الأمر كما قال ربك :

”ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون“.

_محمد الغزالي _

_كيف نفهم الاسلام _

الأحد، 8 سبتمبر 2024

حقائق الحياة د.راتب النابلسي

 

د.راتب النابلسي 🌺 🌺
🌼{ إحدى عشر حقيقة }🌼
👍الحقيقة الأولى👍
من أشد أنواع الظلم الإجتماعي : هو بحث الأهل عن زوجة صالحة لابنهم السيئ !!!
👍الحقيقة الثانية👍
عندما يتربى المجتمع على العيب قبل الحرام ، لا تتعجب من رجل لا يصلي ويأمر زوجته بالستر !!!!!!!!!!!!!!!!! ؟؟؟؟؟
👍الحقيقة الثالثة👍
الجاهل ليس من يجهل القراءة والكتابة ، الجاهل من يعرف اتجاه القبلة ولا يصلي !
👍الحقيقة الرابعة👍
ثلاثة أشياء لا تعود :
♢ الكلمة إذا خرجت ..
♢ والزمن إذا مضى ..
♢ والثقة إذا ضاعت ..
👍الحقيقة الخامسة👍
الحياة مثل السوق الكبير ، تتجول فيه وتأخذ ما يطيب لك من المعروض ، ولكن تذكر بأن الحساب أمامك وستدفع ثمن كل شيء أخذته !!!
👍الحقيقة السادسة👍
بر الوالدين قصة تكتبها أنت ويرويها لك أبناؤك !!!
👍الحقيقة السابعة👍
من الأدب أن لا تسأل أحداً عن شيء يخفيه عنك ، فإن لم يكن ظاهراً لك فهو غالباً لا يخصك !!!
👍الحقيقة الثامنة👍
الموت لن ينتظر استقامتك ، استقم وانتظر الموت !!!
👍الحقيقة التاسعة👍
ﺃﺗﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ :
" حسبي الله ﻭﻧﻌﻢ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ " ؟؟؟
أﻱ أﻧﻪ ﻧﻘﻞ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺽ الى السماء !!!
👍الحقيقة العاشرة👍
البعض يؤمن بأن العين حق ، أكثر من إيمانه بأن الله خير الحافظين !!!
👍الحقيقة الحادية عشرة👍
♢ الأبكم يتمنى أن يرتل كتاب الله ..
♢ والأصم يتمنى أن يسمعه ..
♢ والأعمى يتمنى أن يراه ..
{ ونحن أهلكتنا هواتفنا } ..
تأملوها جيداً .. ولمن تحبون أرسلوها .

الإسهامات الفكرية في مجال النقد الذاتي

 

الإسهامات الفكرية في مجال النقد الذاتي

منقول من مفكرة الإسلام

لا يماري أحد من أهل الرأي في مجتمعاتنا العربية والإسلامية فيما قدمته الصحوة الإسلامية في بلادنا العربية في العصر الحديث من ثقافة متعددة الجوانب والأطياف والمجالات والأبعاد، أضافت بها الكثير من الانضباط والأصالة للساحة الفكرية العربية التي كادت العلمانية أن تختطفها لحسابها.

وقد مثل العطاء الثقافي الإسلامي قيمة مضافة لواقعنا المعاصر، وكان كابحاً لتيار العلمنة والتغريب، ولولاه لتغير وجه الثقافة العربية تماماً.

ولكن، ورغم ذلك، فإن ثقافة الحركة الإسلامية تعاني أشد المعاناة من ضآلة وضعف الإسهامات الفكرية في مجال النقد الذاتي، أي أن تنقد الصحوة نفسها بنفسها، عن طريق قيام أفراد منها بتقديم رؤى ثقافية وفكرية تنطوي على نقد للجوانب السياسية والثقافية والفكرية للصحوة، ليس من أجل التشويه والإساءة، وإنما من أجل محاولة تدارك هذه الأخطاء والعيوب، وإصلاحها، حتى تبقى الصحوة وثقافتها عند الظن بها، فاعلة ومؤثرة وناجحة وقائدة لمجتمعاتها باستمرار.

وفلسفة النقد الذاتي تفرق بين الإسلام كدين وشريعة، وبين الثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي والعمل السياسي الإسلامي. فالإسلام كدين ثابت لا يتغير ولا يجوز عليه النقد من أبنائه والمؤمنين به، والسبب في ذلك أن القرآن وحي معصوم لا يأتيه الباطل أبدًا، وإنما هو كلام الله إلى البشر أجمعين، الذي لن يأتي بعده كلام إلهي آخر.

كما أن السنة النبوية الصحيحة (أي التي صح ثبوتها ونسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) لا يمكن نقدها هي الأخرى لأنها من عند الله، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه).

لكن الثقافة الإسلامية والفكر الإسلامي يجوز في حقهما النقد، لأنهما قائمان على فهم آحاد المسلمين للإسلام، حيث يمكن لهذا الفهم أن يكون صحيحاً أو خاطئاً، فهو في النهاية فكر بشري غير معصوم.

وكذلك فإن العطاء السياسي لجماعات المسلمين السياسية، يحتمل الخطأ والصواب، لأنه ناتج عن تجربة بشرية تحاول العمل بروح الإسلام على الأرض، من خلال تطبيق برامج ورؤى سياسية واقتصادية واجتماعية.

ودلت التجارب على أن الجماعات السياسية المسلمة تخطئ وتصيب في عملها السياسي، وبالتالي فهي ليست محصنة ضد النقد، بل قد يكون النقد هو دليلها لتطوير نفسها، وتعديل أخطائها، وبالتالي مواجهة خصومها بكفاءة أكبر.

 

 

النقد سمة المجتمعات المتحضرة 

وهكذا، فإن النقد الذاتي ظاهرة صحية في المؤسسات والمجتمعات المتحضرة، بل هو جزء أساسي من عملية التطوير والتقويم المستمر، وطالما كان الأمر كذلك، فما أحوج الحركة الإسلامية إلى ثقافة النقد الذاتي، من أجل ترشيدها، وتخليصها من أمراضها. فالحركة الإسلامية محاصرة، محلياً وإقليمياً ودولياً، وتوجه إليها سهام النقد ليل نهار، قاصدة تشويهها أمام شعوبها وأمام العالم، ومن شأن النقد الذاتي لها أن يبصرها بعيوبها، ويشير لها إلى الطريق الصحيح، من أجل أن تلتحم أكثر بشعوبها، ومن أجل أن تنجو من المؤامرات والمكائد.

 

وطالما أن السياسة هي محصلة الثقافة والفكر، بمعنى أن الإنسان يقتنع أولاً بالاتجاه الفكري، ثم يختار تأسيساً عليه الاتجاه الثقافي والسياسي، فإن النقد الذاتي في الحركة الإسلامية المعاصرة ينبغي أن يتوجه في الأساس ناحية الاتجاه الفكري والثقافي، ثم بعد ذلك يتوجه للحركة والسياسة.

 

وقد مارس الفكر العربي الحديث النقد الذاتي في اللحظات العصيبة والمنعطفات التاريخية الكبرى؛ حيث بدأت هذه العملية في الفكر العربي الحديث في لحظة الاحتكاك مع الاستعمار، الذي جاء مدججا بالمعرفة والعلم والتقدم الحضاري، الأمر الذي دفع أصحاب الفكر والعقل والعلم إلى عملية صارمة من النقد الذاتي الحضاري، عندما وجدوا أن الأمة تواجه حملة نابليون، بمدافعها وبوارجها الحديثة التي تقف في عرض البحر ثم تحول مدننا إلى لهب وتراب وخراب، تواجه ذلك بأسلحة ووسائل بدائية، وبالصيحة الشهيرة " يا خفي الألطاف، نجنا مما نخاف".

 

منذ هذه اللحظة بدأ نفر من مفكري الأمة ومثقفيها في نقد الذات العربية وأمراضها التي أوصلتنا إلى هذه الدرجة من الضعف والهوان، وقد أسهمت هذه الكتابات إسهامات مهمة في مجال إدراك الأمة لحقيقة مأزقها التاريخي والحضاري، ومعرفة نقاط الضعف التي أدت بها إلى الوقوع في وهدة الانحطاط والتخلف الحضاري.

صحيح أن الاستجابات السياسية لم تكن على المستوى المطلوب، إلا أن النقد الذاتي قد أتى أكله وأنار الطريق وحدد المشكلة ووصف الدواء.

 

ونحن، أبناء الحركة الإسلامية، علينا أن نهتم بهذا الجانب، على مستوى العمل الإسلامي والفكر الإسلامي، كما اهتم به الكتاب العرب، على المستوى القومي، لحظة تعرض الأمة للاحتلال الغربي الصليبي.

 

وهناك حقيقة يجب التأكيد عليها وهي أنه ليست الصحوة الإسلامية فقط هي التي تعاني من غياب مناهج النقد الذاتي، فحياتنا الاجتماعية والثقافية والسياسية تعاني من غياب النقد الذاتي، الذي في غيابه حدثت كل مشكلاتنا المعاصرة. فالنقد الذاتي يعني التطور إلى الأفضل، والصحوة الإسلامية هي جزء من المجتمع الذي نعيش فيه، وتتأثر بما هو سائد فيه من تقاليد وأفكار، ولو أنه يقع على عاتقها فعلا أن تبدأ بنفسها وتقيم مناهج النقد الذاتي وتطبقها على نفسها ثم يشع ذلك على المجتمع فيأخذ منها هذه المناهج. وكثير من زعماء الحركات الإسلامية يعرفون جيداً عيوب حركاتهم ومع ذلك يتغاضون عنها ويهملون إصلاحها، وكان الأحرى بهم أن يمتلكوا الشجاعة والصدق اللذان يأمرهم الإسلام بهما.

 

إثراء للعمل الإسلامي

وإذا كنا ننبه إلى ضآلة الكتابات في مجال النقد الذاتي للحركة الإسلامية، على مستوى الفكر والحركة، فإن ذلك لا يعني عدم وجودها أساساً، هذه الكتابات موجودة ولكنها قليلة وتكاد تكون نادرة.

 

فقد جرت العديد من المراجعات في السنوات الماضية، خاصة مع ازدهار العمل الإسلامي ووصوله إلى مساحات جديدة وأفاق متعددة، وابتلائه بالعديد من الأمراض والأخطاء. وهذه المحاولات الصحية في نقد الحركات الإسلامية وترشيد مسارها، إذا افترضنا فيها حسن القصد والتوجه، فإنها تأتي لتثري العمل الإسلامي وتقدم له إشارات تسوقه إلى الطريق الصحيح، وتضع له كوابح تمنعه من الانجرار إلى الأخطاء الكبرى، خاصة إذا كان هذا النقد صادرا من أهل الفكر الإسلامي المعروفين بالثقافة والخبرة والمعرفة، والذين لا ينطلقون من منطلقات شخصية خاصة، أو من حسابات ضيقة.

 

لكن الملاحظ أن الحركة الإسلامية، بفصائلها المختلفة، تضيق بالنقد الذاتي، ولا تتحمله، وتشكك في مصداقيته وجدواه. 

وكثير من الإسلاميين ينطلقون من أن العمل الإسلامي محصن دينياً وأخلاقياً وواقعياً ضد الخطأ والانحراف، وبالتالي فليست هناك جدوى من نقده. 

ومنهم من يعتقد أن من يوجه أي نقد للحركة الإسلامية، في أي مستوى من مستوياتها، إنما هو عدو لهذه الحركة وكاره لها ومتآمر ضدها، ويستبعدون تماماً أن يكون هناك مثقفون إسلاميون، محبون للحركة الإسلامية، وفي نفس الوقت ينتقدونها.

 

ونسي هؤلاء أن الحركة التي تضيق بالنقد والمراجعات، وتتستر على الأخطاء، بحجة سلامة الصف وحماية أسرار التنظيم، وعدم فسح المجال للأعداء للتصيد للحركة،.. الخ من الحجج، 

هي حركة تربي الفساد وتنميه في مؤسساتها وسلوكها حتى يقضي عليها، 

وبالتالي فلا غرابة أن تقوم عند ذلك بلفظ المخلصين أو الناصحين من صفوفها بحجة الخروج على الجماعة والحركة، وإفشاء أسرار التنظيم إلى غير ذلك من الحجج التي يحمى فيها الخطأ ويصان من خلالها الفساد.

 

تقديم السياسي على الثقافي والفكري

إن المتابع لتاريخ وخبرة الصحوة الإسلامية المعاصرة، سواء في مرحلتها الأولى في عشرينات القرن الماضي مع ظهور ...، أو في مرحلتها الثانية في سبعينات القرن الماضي أيضاً وفي أعقاب هزيمة يونيه 1967، يجد أن هذه الحركة قد ركزت على الجوانب الأيديولوجية والسياسية، على حساب التربية الاجتماعية، وأيضاً على حساب التربية الثقافية والفكرية.

 

الحركة الإسلامية كانت معنية أساساً بالتنظيم والصراع السياسي، فلم تعن بالتربية الاجتماعية قدر عنايتها بالتربية الحركية. فالمناهج التربوية في الحركة الإسلامية كانت تستهدف تربية وتنشئة الشاب المنتمي والمطيع والمنفذ والموالي ولاءً مطلقاً لقيادته التنظيمية والحركية، وتهمل في المقابل، ومن غير قصد ونية مسبقة، التواصل الاجتماعي والإعداد الفكري والثقافي لقاعدتها من شباب الحركة.

 

وكانت النتيجة الطبيعة لهذه المناهج غير المتوازنة أن أصبحت القاعدة العريضة من شباب الحركة الإسلامية يجيدون العمل الحركي وما يتطلبه من قدرة على التنفيذ والوفاء بالتكاليف الحركية، ولكنهم في نفس الوقت أصبحوا منتظرين للأوامر والتعليمات، ويفتقدون للقدرة على المبادرة على أي مستوى من المستويات، حتى على مستوى تكوين رأيهم في القضايا اليومية العامة.

 

وهكذا فقدت الحركة الإسلامية المبدعين أصحاب الفكر الذكي، ومع الوقت تحول التنظيم إلى آلة من الممكن أن يتحكم في توجيهها إنسان متواضع الثقافة والرؤية والأفق، ولأن الأمور داخل التنظيم تركز على الطاعة والولاء والالتزام والفدائية ونكران الذات، وليس على قيم التواصل مع الأمة والمجتمع الأكبر، من حقوق وواجبات وأدوار، فقد تحول العمل الإسلامي إلى وظيفة وروتين يتقلده الأكثر طاعة وولاءً، وليس الأكثر ذكاءً ووعياً وعطاءً، كما زاد الوعي الحركي والتنظيمي والسياسي لشباب الحركة، في الوقت الذي قلت فيه خبراتهم الاجتماعية، وعمقهم الثقافي والفكري.

 

وهكذا أصبح النقد الذاتي في الحركة الإسلامية شديد الأهمية من أجل الخروج من إطار العقل التنظيمي المحدود إلى العقل الإصلاحي، الذي يهتم بإصلاح الأمة والشعوب والعمل التنموي والأهلي بعيداً عن الصراع مع السلطة التي استنزفت جهود الحركات والمجتمعات الإسلامية.

 

وبات على النقد الذاتي الإسلامي التأكيد على دور وأهمية مؤسسات المجتمع الأهلي والمدني والعمل الشعبي التنظيمي الذي يسعى إلى النهوض بالمجتمع وأدواته و ترقيته، بدلا من هدر الجهود في مناكفة السلطات، وخاصة بعد أن تغلب الجانب السياسي على الجوانب الإصلاحية الأخرى، وانشغال فصائل الحركة عن الأهداف التي قامت أصلا لتحقيقها بشؤون مرتبطة بالحراك السياسي ومصالح نخب معينة، بدلا من الوظيفة الاجتماعية النهضوية لها.

 

كما ينبغي على مناهج النقد الذاتي ضرورة التنبيه على تخليص الحركة الإسلامية من ظواهر سلبية وخطيرة مثل المحسوبية والشللية والنخب المتصارعة على مصالح خاصة بحجج فكرية أو سياسية.

 

حتى لا يصبح التنظيم غاية

إن من الظواهر السلبية في الحركة الإسلامية، والتي ينبغي لمناهج النقد الذاتي الالتفات إليها والاهتمام بها، الاعتقاد السائد لدى قطاعات واسعة من الحركة الإسلامية أن التنظيم غاية في حد ذاته، وأن الإسلام لن يعود لسابق مجده إلا من خلال التنظيم. وسادت ثقافة التنظيم والاهتمام به على ما عداها من القضايا، وباتت خدمة التنظيم هي الهدف الأساسي، وليس خدمة المجتمع وعوام الناس، وأصبح فهم ووعي شباب الفصائل الإسلامية  للقضايا العامة وتفاعلهم معها يغلب عليه العمومية والانطباعية والكسل في التتبع الثقافي للقضية العامة، والرومانسية الحالمة البعيدة عن الواقع، وذلك لأن الوعي بالقضية العامة يقررها له التنظيم، وصاحبنا يريح نفسه ويعتمد على الثقافة التي يتيحها له التنظيم.

 

وهكذا فإن التنظيم أوجد في المنتمين إليه العقلية شبه السطحية وغير العميقة، فهو لا يهتم ولا يدرك إلا المباشر، ولذا نجده لا يتفاعل مع القضية العامة إلا بمقدار ما يكون له صلة بما يقوله التنظيم أو يمارسه. وهذا يفسر ضعف ثقافة أعضاء الحركات الإسلامية في التفرقة والتمييز بين ما يمكن أن يؤثر على الحركة الإسلامية مباشرة وما قد يؤثر عليها أكثر ولكن بطريق غير مباشر.

 

وأعداء الحركة الإسلامية وكارهوها يعملون جاهدين على أن تظل الحركة سطحية الثقافة معتمدة على الآليات المباشرة في الفهم والحركة، ولذلك فهم يعملون على توفير فرص التعبير الديني الظاهر والكثيف في وسائل الإعلام، وفي نفس الوقت يبذلون كل الجهود الممكنة لمنع الحركة الإسلامية من اكتساب الخبرة السياسية والاجتماعية الناضجة، والتي تمكن الحركة من أن تصبح مستقبلاً بديلاً كفؤاً للتيارات العلمانية سياسية كانت أم ثقافية وفكرية.

الخميس، 5 سبتمبر 2024

منهج التعامل مع وسائل التواصل د بشير عصام المراكشي

 

الحمد لله ...
منهجي الذي لا أحيد عنه منذ أن عرفت مواقع التواصل، أنني أقول ما أراه حقا من البيان الواجب على مثلي، ثم أمضي ولا ألتفت لنقاش فيه، فضلا عن جدال ومراء !
والباعث لي على هذا المنهج أمور :-
✔️أولها : -
أن هذه النقاشات تقسّي القلب وتوغر الصدر وتقيّد الأعضاء عن العبادة.
✔️والثاني : -
أنها تهدر الأوقات، وتصرف المشتغل بها عن الأنفع له ولأمته، في الدين والدنيا.
✔️والثالث : -
أنها تهدم القدوات من العلماء وأكابر الدعاة، وتجعل العوام لا يثقون إلا في رؤوس معدودين، يوافقونهم اليوم على أهوائهم المتسترة؛ ثم لا يلبث هؤلاء العوام أن ينصرفوا عنهم بعد حين، مطبقين المنهج نفسه الذي رأوا متبوعيهم يطبقونه من قبلُ مع أولئك العلماء، جزاء وفاقا، وحُكما عدلا. وقد قيل قديما "على الباغي تدور الدوائر".
✔️والرابع : -
أن هذه النقاشات يغيب فيها الأدب الواجب مع الكبار، ويختلط فيها الحابل في الفكر بالنابل، ويستهزئ فيها سكيت العلم بالمجلّي فيه!
✔️والخامس : -
أن التجربة المطردة دلت على أن الذي يبدي ويعيد في موضوع مخصوص من مجالات الاجتهاد، ويحرص على أن يحمل الناس عليه، ويُكثِر فيه اللت والعجن، لا بد أن ينحرف عن سواء السبيل ومنهج القصد، بسبب حظوظ النفس التي تجعله يلتزم أفكارا لم يكن يتبناها من قبل، كي لا يُقر للمخالف بالهزيمة أمامه. ولست أحصي من عرفته قد وقع في هذا في عصرنا وقبله .
✔️والسادس : -
أنني لا أكاد أعرف اليوم من يرجع عن قوله بعد نقاش أو مناظرة من هذا النوع، بل أغلب الناس يدخلون بأفكارهم ويخرجون بها، ولكن مع زيادة عداوات وخصومات وتأخر شديد عن ركب المصلحين!
✔️والسابع : -
أن أغلب نقاشات مواقع التواصل مبنية على الجهل والتحزب، وتصفيق الأتباع لمتبوعهم ولو أتى بعورات الاستدلال وأبان عن سوآت التفكير. ولا يوجد فيها حَكم يفيء الناس إليه ليقول أصاب زيد في بسط حجته، وأساء عمرو في تنزيل دليله..
✔️والثامن : -
أن أكثر الموجود في مثل هذه المهارشات هو من قبيل حظوظ النفس وأهوائها الخفية، تغلف بغلاف النقاش العلمي. وبعض ذلك راجع إلى أمراض نفسية مستحكمة، تستدعي العلاج لا النقاش!
✔️والتاسع : -
أن مما يغني عن إطالة النقاش العقيم، حظرَ من يسب ويسيء الأدب، ويتعنى أن ينطح الجبل بقرن الوعل!
وفي حظر مثل هذا سلامة قلبي فلا تنازعني نفسي للرد والانتصار، وفيه سلامته هو من رؤية ما يدعوه لمزيد من الثلب واستحلال العرض؛ والحال أن كلينا في حاجة للانشغال بما ينفعه.
فهذا منهجي منذ سنوات عديدة من النظر والتجربة، ما خرجت عن بعضه يوما إلا ندمت، فسارعت إلى الأوبة.
وإن طال عليك كلامي هذا، أو عسر عليك تدبره، فخذ عصارته في قول الآخر قديما : -
تألق البرق نجديا فقلت له = إليك عني فإني عنك مشغول.
والله الهادي .
د بشير عصام المراكشي