الأربعاء، 10 يناير 2024

حديث الذكريات الموجعة ؟

 هذه مقالة قديمة كتبتها في 2019 م  متأثرا بما كتبه الراحل علي الطنطاوي في هذا الباب ، وهيأ الله لي إعادة نشرها اليوم فقرأتها وتأثرت بها  وأردت أن أعدل وأزيد فيها ثم قررت أن أتركها كما كانت فقد كتبتها قبل التقاعد وأنا في أتون العمل والسعي  وأنا الآن متقاعد منذ أكثر من سنتين وقد تغير الكثير منها سلبا وإيجابا  ولعل الله أن يمدني بالحول والقوة لأكتب في هذا الجانب المزيد والله المستعان وعليه التكلان 

مقالة : حديث الذكريات الموجعة 

لست أدري ما الذي يحملني على نبش ذكريات الماضي ؟ لقد حاولت مرارا وتكرار دفنها بعيدا في أعماق النفس والفكر  كما كانت تدفن المؤودة في الجاهلية ولكن دون جدوى ؟.

فأنا أعلم أن الزمن قد ولى وانقضى بأفراحه وأتراحه وآماله وآلامه ولم تبق منه إلا هذه الذكريات العصية على النسيان والتي تنساب الى الفكر والوجدان فتملؤه آلاما وأحزانا  ولا أملك لذلك دفعا ولا مهربا

وأتذكر بيتا من الشعر يشبه هذه الحال

ثم راحت وتوارى ظلها …واستحالت ذكريات للعذاب

وربما ترنمت بأبيات أخرى  أروح بها عما يضطرم في جوفي

يالذكراك التي  عاشت بها … روحي على الوهم سنينا

ذهبت من خاطري إلا صدى ……… ينتابني حينا وحينا

خرجت من الماضي ولم يخرج الماضي مني ، مات الماضي بأيامه وأحلامه وناسه ولكنه لازال يحيا داخلي بذكرياته  فكيف السبيل إلى النسيان ؟

يرى الناس منى الفرح والسرور فيظنوا أنني أسعد الناس ، وما علموا أنني مثل الطير الذي يرقص على جراحه ، تجتاحني آلام نفسية لا يعلمها إلا الله .

وعادت بي الذاكرة الى مقتبل العمر والمستقبل الذي كنت أنشده وأفكر فيه فلا أرى إلا غرورا يتبعه غرور ثم تنتقل الذاكرة سريعا الى نهاية المشهد والحال التي انتهت أيامي عليها فلا أرى الا ماقاله المعري قبلي من مئات السنين

من ساءه سبب أو هاله عجب … فلي ثمانون عاما لا أرى عجبا

الدهر كالدهر والأيام  واحدة  … والناس كالناس والدنيا لمن غلبا

ما عدت أجد للحياة طعما أو بهجة أو سرورا 

 أدفع أيامي دفعا لكي تمر 

 ماعاد فيها شيء يثير الاهتمام أو يبعث على الفرح والسرور 

 وأعلم أن هذا من الأفكار السوداء التي ينبغي تجنبها ومحاربتها وعدم الإنجرار وراءها  ولكن كيف السبيل إلى ذلك ؟

 وأنا مثل الجيش المهزوم  الذي يحاول الانسحاب بأقل الخسائر  وأنى له ذلك .

إذا وجهت نفسي نحو التفاؤل والبشر سارت بطيئة متثاقلة  تدفع دفعا ولا تكاد تمشي أو تسير 

 وإذا وجهتها نحو التشاؤم والأفكار السوداء أسرعت وركضت ركضا ، فكيف العمل والنجاة ؟

قرأت بيتا من الشعر وأظن أن قائله عاش قريبا مما عشته فقاله،لذا وجدته يعبر عما أجده أصدق تعبير

لم يبق في العيش لي إلا مرارته …. لما تذوقته الحلو منه فَنِي

يانفس صبرا وإلا تهلكي جزعا …إن الزمان على ما تكرهين بُني

لا أحب التشاؤم ولا أرغب به  ولكني مغموس وغارق فيه  فكيف الخلاص ؟

وتذكرت مقولة لأحد الأدباء راقت لي جدا ( لقد كرهت الحياة وزادها كراهة إلي هؤلاء الناس فلم يفهمني أحد ولم أفهم أحدا …)

لأن المنطق يحتم أن يتقبلك الناس كما أنت  وليس أن يتقبلوا منك ما يريدون فقط  وهذا بيت القصيد الذي أعيا الطبيب المداويا

اللهم لك الحمد على كل قضائك وجميع قدرك ، حمد الرضى بحكمك ، لليقين بحكمتك .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون 

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية