الجمعة، 12 يناير 2024

في ظلال الكورونا (1)

 هذه سلسلة مقالات كتبتها تباعا أيام أزمة انتشار الكورونا  وأعيد نشرها  اليوم بعد انحسرت الأزمة  وتبين أنها لعبة خبيثة من دولة عظمى  جنت من ورائها مليارات الدولارات 

البداية

 

في بداية شهر جماد الآخر 1441هـ الذي يوافق شهر فبراير 2020م تقريبا  بدأت الأخبار ترد تباعا عن فيروس كورونا الذي أخذ ينتشر في الصين انتشار النار في الهشيم وفتكه بالأرواح وتزايد أعداد الإصابات والوفيات وأنباء عن تكتم الصين عن نشر الأرقام الحقيقية

كانت هذه بداية دخول كورونا الى حيز عالمي مجرد خبر في وسائل الإعلام ومن ثم استفاضة الحديث عنه في وسائل التواصل الاجتماعي من سائر الأطراف والتيارات وكل يورد الخبر من وجهة نظره ليدعم موقفه وأفكاره وربما حزبه وجماعته .

وأشهر ما طرح على وسائل التواصل الاجتماعي أن فيروس الكورونا عقاب إلهي للصين بسبب الجرائم الإنسانية المروعة التي ارتكبت بحق  التركستانين او أقلية الأيغور التي تحتل الصين أرضهم .

وهذا الكلام صحيح في مجمله ولكنه مشوب بأخطاء ومبالغات وتسرع في الأحكام لعل أبرزها أن هذا الفيروس أصاب المسلمين فيما بعد واغلق مكة والمدينة والقدس  فهل هو عقاب إلهي أيضا .

لقد أعجبني كلام أهل العلم أنه يمكن رد الأمور إلى أسباب عامة( مثل انتشار الظلم والفساد والطغيان في العالم ككل ) دون القطع في التفاصيل والأسباب الخاصة فتلك لايعلمها إلا الله .

وقد أصبحت هناك ظاهرة عامة على وسائل التواصل الاجتماعي تتكرر في كل مصيبة أو نكبة كبيرة تقع هنا أو هناك وخلاصتها أنها تتحول الى مادة دسمة لتصفية الحسابات والتشفي على كل المستويات ولكل المتصارعين ويتفنن كل طرف في استخدامها بكل ما أوتي من قوة.

فعلى سبيل المثال جائحة الكورونا أشعلت حروبا وتصفية حسابات بين الملحدين والمؤمنين  وبين العلمانيين وخصومهم  وبين أتباع الشرق وأتباع الغرب وبين الشيعة والسنة وبين التيارات الاسلامية المتناحرة وغيرها من التيارات كل يرزي على خصمه ويظهر نفسه بالمظهر الحسن  مع أننا كلنا في الهم سواء .

بل بلغ الفجور في الخصومة مبلغا عظيما حيث اتهم تيار من المتخاصمين خصمه بأنه هو الذي نشر الفيروس في أوروبا  مع أن العالم كله يتابع الفيروس وانتشاره ، والحقائق تنشر يوميا على رؤوس الأشهاد ، ولكن التاريخ  سيسجل بمداد من السواد والقذارة الدرك الأسفل الذي ينحدر إليه البعض في فجوره في الخصومة والذي هو قطعا أحد علامات النفاق التي حذر منها الرسول صلى الله عليه وسلم .

وأبرز ماحرصت على بيانه في هذه الفترة للمقربين  بأنه ينبغي التحرز من الشرك الخفي في هذه المرحلة  فهذا الفيروس مخلوق يأتمر بأمر الله ولا يضر إلا بإذن الله فمن خاف من الفيروس أكثر من خالق الفيروس أو ظن أن الفيروس قادر بنفسه فاعل بنفسه خارج عن إرادة الله وحوله وقوته  فقد وقع في خطأ يجب عليه تصحيحه والتراجع عنه  وذكر الدعاء المأثور ( اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم ، وأستغفرك لما لا أعلم )

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية