الجمعة، 30 أغسطس 2024

مقالات من 2012 م أداء الموظف السعودي مأساة - مقال جديد لـ: د. جاسر عبدالله الحربش

 

أداء الموظف السعودي مأساة - مقال جديد لـ: د. جاسر عبدالله الحربش
------------------
عندما تكون الخطوات الاجرائيه مختصره والتعليمات شفافه وواضحه والرقابه نزيهه وفعّاله، تسير عجله التنميه لصالح المواطن والدوله، وتنتفي الحاجه الي الرشوه والوساطه وينتهي تبديد الوقت والثروه. لكن هذه المواصفات الجيده غير متوفره في جهازنا الاداري والوظيفي، والموضوع يحتاج الي امثله.
 
من الممكن ان ينتظر المسافر عبر المنافذ البريه (منفذ البطحاء نموذجاً) اربع عشرة ساعة للعبور الي دولة الامارات، وعندهم هناك يعبر خلال ثلاثين دقيقه. فرق الانتظار تضخم عندنا الي ثمانيه وعشرين ضعفاً. 
 
اذا اضفنا الفوضي الشامله وتجهُّم موظف الحدود ودرجات الحرارة القاتله والمتاجره بعطش وجوع المسنين والاطفال يتحوّل الموضوع الي جحيم. السبب يكمن في تدني الكفاءه علي مستوي التنظيم والتجهيزات ونوعيه الموظفين. 
 
بمجرّد الوصول الي منفذ الدوله المجاوره ينتهي الجحيم ويحل محله الشعور بالغبن الوطني والحنق علي الاداء السعودي.
 
في المطارات السعوديه ينقبض قلب المسافر كل مره يمسك فيها الطابور للحصول علي بطاقه المغادره.
 
من خلال المعاناه الطويله تجمّعت لدي المسافر عبر مطاراتنا عدّه اسباب لانقباض القلب. 
 
هناك يبدا البحث عن الطابور الصحيح بتكرار السؤال لاحتمال الضياع بين الطوابير المتداخله. وهناك يدب الخوف من مزاجيه موظف الكاونتر الذي لا يتحمّل المجادله ويستطيع الغاء الحجز او تعطيله وتفويت الرحله، وهناك القلق من فقدان العفش وتشتُّته بين مطارات العالم.
 
 اخيراً هناك الخوف الاكبر من الغاء او تاجيل الرحلة في اللحظه الاخيرة بدون الحاجه الي ذكر الاسباب. 
 
كل هذه المخاوف تتبدّد بمجرّد الوصول الي مطارات العالم الخارجي، وتحل محلها مراره المقارنه بسهوله ومرونه الاجراءات في مطارات العالم الاخري.
 
في الدوائر الحكوميه السعوديه بما يشبه الاجماع لا يتوقع المراجع ترحيباً ولا بشاشه استقبال، ولذلك يتقدم نحو الموظف متمتماً بالقول الماثور: اللهم اني لا اسالك ردّ القضاء ولكن اسالك اللطف فيه. 
 
الموظف السعودي يريد ان يشعر المراجع بانه مشغول جداً، وانّ المراجع وصل في الوقت الخطا وعليه ان ينتظر طويلاً او يعود في يوم آخر
 
 او انّ المعامله ليست من اختصاصه وعليه ان يبحث عن الموظف فلان في اخر السيب
 
 او انّ عليه ان يستمع ولا يجادل لكي لا يجازف بفقدان معاملته وتجديد كامل الاوراق مره ثانيه. 
 
في الحالات الاستثنائيه التي يتكرم فيها الموظف باستقبال الاوراق يصبح من المتوقع جداً ان يلقي نظره عجلي ثم يرمي الملف نحو صاحبه لانّ الاوراق غير مكتملة او تنقصها بعض التواقيع.
 
موظف الاستقبال والتسجيل في المستشفيات والمرافق الصحيه السعوديه، لا يتعامل مع الناس علي انهم مرضي يحتاجون الي اللمسه الانسانيه وتخفيف معاناه الانتظار الطويل للوصول الي الطبيب. 
 
حينما يري المريض ومرافقوه تصرُّف موظف الاستقبال والتسجيل في التقديم والتاخير والاستغراق في المكالمات التلفونيه الخاصه والانتقال من الضحكات والابتسامات هنا الي العبوس والاستهزاء هناك، عندئذ تتحوّل توقُّعات الاستشفاء وتخفيف الالام الي مضاعفات اضافيه، قد تكون اشد وطأة علي صحة المراجع من معاناته الاصليه.
 
اختصاراً للكلام، نقِّل فؤادك حيث شئت من الدوائر والمؤسسات الحكومية، ولن تجد الاّ فيما ندر سوي نفس العينات من الاداء الوظيفي الفوضوي.
 
لكن ويا سبحان الله، هذا الوجه المحبط المسوف للموظف الحكومي، يتحوّل الي ترحيب وبشاشه وفنجان شاي وخدمه سريعه في القطاع الخاص. 
 
في البنوك والمستشفيات الخاصه والشركات المساهمة ومراكز التسوُّق الكبري ووكالات السيارات.. 
 
هناك يخدم الزبائن احياناً موظفون سعوديون، لكن بمواصفات نوعيه تختلف عن زملائهم في القطاع الحكومي.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية