الأحد، 11 أغسطس 2024

رجال الحق (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) .

 

رجال الحق
(وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) .
في هذه الآية دلالة على أن الله عز وجل اختص نفوسا معينة بمعرفة الحق على وجه كامل مثمر، فهى لا تضاء به من داخل فحسب بل تبسط أشعته أمام الناس عامة ليسيروا على هداه ويطمئنوا إلى سناه.
وهم كذلك يحكمون بالحق، فإذا اختلطت الأمور، وخيفت المظالم، قضوا بين الناس بالعدل، فجاء قضاؤهم العادل نورا يمحو الظلم والظلام، أولئك هم المصطفون الأخيار من عباد الله، وأولئك هم أمل الدعوات الكبرى والنهضات العظمي حين تبدأ مسيرها في الأرض فتعترضها السدود والهضاب وتردها العوائق والصعاب.
كنت أعجب أول أمرى لماذا وصف الحق بالمرارة، وغصت به حلوق كثيرة؟ حتى سرت في مركز الدعوة إلى الله، ورأيت أن قول الحق جهاد ثقيل الأعباء شاق التكاليف، جهاد قد يكلف المرء دق عنقه إذا اصطدم بفرعون جبار.
وربما كان أيسر البذل أن يتقهقر المرء في مجتمع يتصدره المهرجون والكذبة والذين يهدون بالحق في هذه الأحوال يجب أن يكون لهم من اليقين ما يجعلهم يزدرون الجاه الذي حصل عليه المبطلون، وما يحقر أمام أعينهم البقاء في الدنيا إذا لم يقدروا على قول الحق والهداية به.
ما أجمل الحق وما أجل رجاله بنفسى أولئك الأبطال الذين داسوا وساوس الضعف، وكبروا على فنون الإغراء، وتألقوا بين ركام العوام، وتنكروا للحاضر الذي يكرهونه، وتفانوا في الغد الذي يتمثلونه، ومضوا قدما إلى غايتهم فإما نجحوا وإما فشلوا.
إن النجاح والفشل لا يحكم على النيات، ولا ينقص الأجور، "فحمزة" الصريع المهزوم في "أحد" ليس دون "خالد" القائد المنتصر فى عشرات المعارك بل ربما كان خيرا منه.
وكم في عصرنا هذا من نهضات كبت أن تبلغ هدفها، وطوى تاريخها طيا محزنا، ذلك أن التاريخ يكتبه غالبا المنتصرون وما أكثر ما يأفكون ويزورون. لكننا - ونحن أصحاب المبادئ ورجال المثل - نريد أن نهتك هذا الزور، وأن نحيى أصحاب الحق سواء قتلوا في الطريق أم وصلوا إلى القمة. أجل إننا نريد رجالاً يعشقون الحق، ويعيشون به وله، صرحاء ولو غضب لصراحتهم ألف ملك ووزير،
حنفاء ولو أطبق الجهال على تمجيد الأوثان وحرق البخور بين يديها، أعزة بأنفسهم لا يبالون أن تصدر الأوامر "العليا" بإقصائهم من المحافل الرسمية ولا المناصب الضخمة، غاضبين لله عنادًا وإصرارًا وحاقدين على الباطل مع ترفع واحتقار.
نريد رجال الحق في عالم عز فيه نصراء الحق في بلاد سخر فيها الدين كما سخرت الدنيا لحراسة الجور وتمجيد الفسقة لأن السلطان في أيديهم وتحت أقدامهم.
نريد رجالاً لا يدوسون المثل العليا باسم المرونة السياسية ولا يأمنون أولاً على أنفسهم وأموالهم وأنصارهم ثم يعلنون بعد ذلك الجهاد لنصرة الإسلام، كأن نصرة الإسلام سمن وعسل.
إن ترك الباطل يمر دون نكير - أمر خطير جد خطير، وليس المهم أن تكسر شوكته بحولك فقد تكون ضعيف الحول، ولكن المهم إذا رأيت المبطلين سادرين في جرائمهم متجاهرين بمناكرهم أن تقول - عند ظهور عجزك واستحالة مقاومتك .
مقالة العبد الصالح لوط لقومه لما (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُم مِّنَ الْقَالِينَ* رَبِّ نَجْنِي وَأَهْلِى ممَّا يَعْمَلُونَ) .
أما الذهاب إلى فاعل المنكر وإبداء الاحترام فلا. أما مشاركة الكذبة في الهتاف للمجرم فلا. وما أكثر الذين أسرفوا وهتفوا للمجرمين والأمم التي يخرس صوت الحق بين كبارها وصغارها، والتي تتوارث هذا الصمت المعيب، تمشى حثيثا في طريق الانقراض.
ومن حق الحياة النظيفة أن تخلو منها".
رجال الحق..
من الحق المر الجزء الثانى .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية