الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

زهر النوائل في أخبار الجداول

 

زهر النوائل
في أخبار الجداول
 
كنت اشاهد التيك توك في أول يوم من العام الدراسي الجديد فعرض لي مقطعا عن الجداول مقطع صورته احدى المعلمات يظهر طاولة عليها جداول للمدرسات وفي الخلفية خصام المعلمات والتبرم والاعتراض والاحتجاج 
 
وفي لقطه اخرى قط يبكي وبخلفيته جدول معلمة وتعليق كتب عليه حالتي عند ما استلمت الجدول
فتداعت وانثالت الى خاطري تجاربي العتيدة مع الجداول فقد خضت معمعتها سنوات طويلة فقد قضيت في سلك التعليم قرابة 34 عاما أكثر من نصفها في وضع الجداول حتى أصبحت خبيرا ومحترفا يعني "بروفشنل باللاوندي "
 
فقررت أن أكتب خواطرا حول الجداول وانا الخبير بها لعل مستمعا يستفيد وينتفع ، ولعل مكلوما بجدول يتعزى ويتصبر ولعل غافلا يتنبه ولعل واضع جدول يتقي الله في عمله ولا يظلم المدرسين فهم أقربائي وعزوتي فأنا مدرس والتدريس رحم بين أهله وإن كانت العبارة المشهورة العلم رحم بين أهله 
 
 
النقطه الاولى :
اذكر انني عندما انضممت الى سلك التعليم في السنة الاولى او الثانية لاحظت أن من أسوء الامور التي يبتدئ بها المعلم العام الدراسي ويتوجس منها خيفة الجدول الذي سيوضع له من قبل إدارة المؤسسة التي يدرس فيها
والحمد لله عندما التحقت بسلك التعليم كان يوضع لي جدول يعني دسم ولكن بعون من الله وحول منه وقوة كنت لا أبالي بأي جدول يعطى لي ومهما كان فيه من الاجحاف والظلم كنت اقبل به
ولكن بعد سنة او اثنين او ثلاثة وجدت أن تغيير الواقع يحتاج إلى مبادرة وتغيير في التكتيكات 
 
 
النقطة الثانية :
وضع الجداول في كل مؤسسة تعليمية محور مهم من محاور العملية التعليمية لانها تمثل ركن من أركان العملية التعليمية وهو يعكس رغبات الادارة التعليمية وتوجهاتها بالدرجه الاولى وبعبارة أخرى هي تضع الخطوط العريضة لليوم الدراسي والاسبوع الدراسي في أي مؤسسة تعليمية وتنعكس سلبا أو إيجابا على كل العاملين في حقل التدريس 
 
 
النقطة الثالثة :
وبدأت في تعلم وضع الجداول وفتح الله علي فبحثت كيف تعمل الجداول ؟ وكيف تصمم ؟ والحمد لله خلال سنة او اثنتين بدأت اتقن عمل الجداول
كما ألهمني الله عز وجل بعض الخطوات التي ساعدتني على اتقان عمل الجداول 
 
 
النقطة الرابعة :
وعرضت خدماتي على الإدارة للمساعدة في وضع الجداول فقبلوها ولم يتلبثوا بها إلا قليلا لأنه كما ذكرت شغلة متعبة ذهنيا وتحتاج بال واسع وروقان والحمدلله الذي وهبني مايساعدني على أداء عملي .
ولم تمض سنوات حتى أصبحت الوحيد الذي يضع الجداول في المؤسسة التعليمية التي اعمل بها و انحصر وضع الجدول بي ولم ينافسني عليه احد ولله الحمد
وظللت قرابه 15 عاما في كل عام فصلين الفصل الاول الفصل الثاني يعني قرابه 30 مرة كنت انا الذي اضع الجداول بالكامل وذلك فضل من الله ورحمة 
 
 
النقطة الخامسة :
بدأت في اكتساب خبرة من الواقع الذي أعيشه فوجدت أن وضع الجدول يختص به شخص او اثنان يعني مهارة ليس الجميع يستطيع ان يتعلمها لأنه متعب وله تعديلات وتبعات كثيرة ويحتاج بال رايق وليس الجميع مستعد لان يقوم به
كما أن من يقوم به يحصل على نوع من الامتيازات المعنوية ويكون بالطبع مقرب من الإدارة وموضع اهتمام من جميع المدرسين لأنه الذي يضع الجدول وباللاوندي يصبح من مراكز القوى الناعمة في الإدارة التي يعمل بها
كما أن هناك من يحرص على الاستحواذ على عملية وضع الجدول أو المشاركة فيها لأن لها شأنا وتأثيرا كما سيتبين 
 
 
النقطة السادسة :
المعني بالجدول بالدرجة الأولى المدرسين فهم الذين يتاثرون سلبا او ايجابا بوضع الجدول فهو يشكل راحة لهم وحافزا إذا تم توزيعه بعدالة وإنصاف وتم تقدير ظروفهم .
كما أنه مجال خصب لتصفية الحسابات التي تريد الإدارة أن تصفيها مع بعض المدرسين فيكون جدولهم خنجرا أسنانه الحصص الأخيرة أو حصص الإنتظار .
كما أنه مجال واسع لمحاباة بعض المدرسين المقربين والواصلين وأصحاب الواسطات وماسحي الجوخ باللاوندي فيكون جدولا مريحا فصلوه تفصيلا على رغبات الأحباب والمقربين .
 
 
النقطة السابعة :
وأكثر مايمقته المدرسون في الجداول الحصص الأخيرة السادسة والسابعة ومابعدها إذا وجدت لأنها تكون في وقت قد نفدت طاقة الطلاب والمدرسين ولا يعود هناك مجال لإفراغ المزيد في العقول المتعبة والمنهكة
وواضع الجدول احيانا لا يكون منصفا في الحصص الاخيرة فيكثر منها على ضعفاء المدرسين المدرس الضعيف الذي لا يشكو او لا يملك قدرة ان يشكو فهذا تعطى له الحصص الاخيرة جزافا عند من لايخاف الله في عمله أو غير الكفء
اما المدرس الذي يشكو ويعترض ويتضجر ربما يراعي فتخفف له الحصص الاخيرة
( وللأسف تطور التعليم خلال أكثر 70 عاما في كل جوانبه وتفاصيله ماعدا نظام الحصص البائس هذا حيث وجد من قرابة 100 عام في العالم العربي ولا زال مستمرا ست أوسبع حصص يوميا مدة الحصة 45 دقيقة أو أقل قليلا ، ولازال التطور بعيدا عن هذا النظام البائس الفقير ولم يكتب الله الخلاص منه بعد )
ثم يمقت المدرسون بالدرجة الثانية كثرة الحصص والنصاب الكامل 24 حصة حيث يشكل ضغطا وارهاقا كبيرا للمدرس ثم يأتي بعد ذلك متاعب أقل من ذلك تختلف حسب أحوال المدرسين ولكن المعاناة الكبيرة من هذين البؤسين النصاب الكبير والحصص الأخيرة
كما أن حصص الإنتظار قد تشكل كابوسا في بعض المدارس للمدرس الذي يقل نصابه أو تقل الحصص التي يدرسها حيث توجه الإدارة بملء جدوله بحصص الإنتظار ويظل ستاند باي باللاوندي طيلة اليوم الدراسي 
 
 
النقطة الثامنة
من خلال عملي الطويل والمحترف في وضع الجداول مرت علي من التجارب المتنوعة منها الجيد ومنها غير ذلك كما أنها تختلف باختلاف المدراء فقد تعاملت خلال خدمتي بقرابة 9 من المدراء من الأكفاء ومنهم غير ذلك
فمنها أن مدير المؤسسة كان يأمرني أن أضع حصصا لأحد المدرسين وكان صاحب أداء غير مرضي للإدارة حيث لايهتم بالإنضباط بأوقات الدوام فتوضع له الحصص الأخيرة حتى لايخرج من الدوام ويظل موجودا في مكتبه
ومن العجائب أنه لو وضعت له الحصص المبكرة فأنه يخرج من الدوام بعدها ويقول ليس لدي حصص لماذا الجلوس ؟
ومنها أن يطلب مني الضغط على بعض المدرسين أو مراعاتهم في الجدول وإن كان هذا ليس بالكثير 
 
 
النقطة التاسعة :
وحاولت خلال توزيع الجدول أن أتقي الله في عملي وأعدل في التوزيع خاصة عندما لايكون هناك ضغط علي أو توجيهات بتغيير جدول فلان
فكنت أقوم بحصر الحصص الأخيرة وأوزعها في بداية التوزيع لأنها محل الخصام ويكون توزيعها بالعدل بين المدرسين حسب عدد الحصص المخصصة لكل مدرس وأذكر أنه كان يأتي بعض المدرسين الغاضبين فأريه الجدول وتوزيع الحصص الأخيرة بالتساوي بينهم فينصرف راضيا حتى أنه في السنوات الأخيرة لم يعد يحتج أحد على جدوله 
 
 
النقطة العاشرة :
التوزيع العادل للجدول يحتاج لجهد وتعب وإعادة نظر وهناك مؤسسات تحضر بعض البرامج التي تتولى توزيع الجدول عشوائيا وهذه فيها ظلم كبير ويتخلص صاحبها بعبارة ( الكمبيوتر وزعها مو أنا ) وهو بذلك يريد أن يتخلص من عبء التعب والجهد لإنصاف المدرسين فكل برنامج هناك مجال للتعديلات فيه ووضع القيود لبعض المدرسين ولا بأس من استخدامه لوضع التوزيع المبدئي ولكن لابد من جهد بشري لإنقاذ المدرسين من براثن التوزيع الالكتروني 
 
 
النقطة الحادية عشر :
قد تؤثر نوعية الطلاب في وضع الجدول وقد يحدث أحيانا خاصة المدارس التي فيها طلاب لآباءهم مكانة اجتماعية أو وجاهة أو من أبناء النخبة فيحدث أن تجد جدولهم غاية في اللطافة وخاصة حصص التربية البدنية حيث تؤخر لهم في الشتاء حتى يدفأوا بالشمس ثم يتم تعديل الجدول عند قدوم الصيف فتكون الحصص الأولى حيث برودة لئلا تؤثر عليهم الحرارة أو ما أشبه ذلك .
 
 
النقطة الثانية عشر :
أفضل طريقة لعمل الجدول احضار لوحة فلين كبيرة وعمل خطوط أفقية بعدد فصول المدرسة ثم خطوط عمودية بعدد أيام الأسبوع ثم تقسيم كل يوم بخانات بعدد الحصص المخصصة
ثم احضار دبابيس ملونة يتم فرز كل لون لمدرس المادة فمثلا الأخضر لمدرس الدين والأزرق لمدرس الأدب وهكذا وعلى عدد الحصص المخصصة لكل مادة ثم يتم توزيع الدبابيس على الفصول
ثم تتم المراجعة باستخدام المسطرة بشكل أفقي لتظهر التعارضات فإذا تكرر اللون الأخضر مرتين فهذا يدل على خطأ في التوزيع ففي هذه الحصة هذا المدرس مشغول وينبغي إزالة التعارض وهو هين على الفلين حيث المطلوب سحب الدبوس الثاني وتبديله مع الذي يليه أو الذي قبله وهكذا
ثم بعد المراجعة والتعديلات يتم تفريغ الجدول بالطريقة المناسبة في جداول صغيره وهذه افضل واسلم طريقة
 
 
النقطة الثالثة عشر :
الان يوجد برامج الكترونيه تقوم بوضع الجداول بعد تغذيتها بالمواد والفصول و لكن هذه البرامج الالكترونيه ليست منصفة في الغالب او ليس فيها عدالة تقوم بالتوزيع توزيعا عشوائيا او كيف ما اتفق
يعني تكون فوضى كبيرة وظلم وايذاء دون مراعاة لاي شيء وبعض البرامج فيها نوع من الكنترول لكن ليس قويا وانا شاهدت بعضها
فمثلا هذا المدرس لا توضع له حصص او الحصص التي توضع له الى الرابعة مثلا ولا يأخذ حصص أخيره وهكذا ومثل هذه القيود ينبغي أن يكون صاحبها عنده خوف من الله لأنه قد يضع قيود على الجدول لبعض الناس محاباة أو ظلما وبعد ذلك عندما يحتج عليه يتنصل منها بعبارة حق أريد بها باطل ( والله يا اخي الكمبيوتر سواه ووزعه انا مالي دخل ) هو يعلم انه يملك خانة لوضع القيود ، فهذه من التلاعبات التي قد تحصل في الجدول
 
 
وختاما هذا ماتيسر إعداده وتسهل إيراده وأعان الله على كتابته وسرده فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين .

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية