السبت، 13 يناير 2024

في ظلال الكورونا ( 5 ) تداعيات وفتن طول البلاء

 

وبعد مضي أكثر من شهر من حلول وباء الكورونا وما صاحبه من إجراءات احترازية وحظر جزئي ثم كلي والتعطيل شبه الكلي للمناشط الاجتماعية في المجتمع  

أخذت الأمور تأخذ منحنيات جيدة لم تكن في الحسبان ولم تكن ضمن التوقعات  أسرد بعضها مماشاهدته ولمسته بنفسي وهي وجهة نظري قد أوافق عليها وربما لا ...

  • فمنها أن الحظر الجزئي ثم الكلي وطول أيامه ومكث الناس مجبرين في منازلهم أوجد ضغطا نفسيا مؤلما لايستهان به وتذكرت الحكمة المأثورة  رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر مجاهدة العبد هواه  .

ونحن مجتمعات في غالبنا لانعرف للإنضباط والمجاهدة طريقا إلا النزر اليسير منا  وألف الكثير منا في حياتهم الخاصة على الأقل على أن يتبع نفسه هواها 

 لذا فإن الحظر الكلي الذي جاءت به الأحداث فرض نمطا عسيرا ومؤلما وشديدا على المجتمعات .

وبدأ البعض ينهار وخاصة كبار السن والأمهات الكبيرات في السن ممن انقطع عنهم الأبناء خوفا على صحتهن 

 وبعض ربات المنازل بدأن في الإنهيار تحت طلبات الأسرة خاصة وإن كان عددها كبيرا وفيها أطفال 

 وغيرهم ممن ألف حياة الخروج والاختلاط الاجتماعي وما أشبه ذلك  

والأمر فعلا شديد لا يستهان به ونسأل الله أن لايطول فقد تحدث تصرفات لا تحمد عقباها .

  • ومنها أن هذا البلاء أوجد اختبارا وابتلاءا للجميع بدون استثناء صغارا وكبارا رجالا ونساء كلٌ على قدره ومقداره حتى القطط والكلاب والطيور في الشوارع نالها نصيبها من البلاء .

 

  • وأظهر البلاء ذنوب التقصير والإهمال في توفير البنية التحتية الصحية في المجتمعات والدول وبدأوا يجنون ثمار الإهمال الذي مارسوه لعقود في المنظومة الصحية 
وأراهم الوباء أن بضعة دراهم ودولارات لو أنفقت في المجال الصحي كانت ستكفيهم ملايين ومليارات  عندما تحول المعدمون والمهمشون من الرعاية الصحية إلى قنابل موقوتة تحمل الوباء وتنشره في المجتمع  وأصبح من العسير  احتواءهم  أو حصرهم .

 

  • وأظهر البلاء الظلم الذي يعانيه العمال عند بعض الشركات التي أعماها الجشع فكدسوهم بالعشرات في مساكن لا تليق بالحيوان فضلا عن الإنسان واستغلوا قصور الأنظمة في مراقبتهم ومحاسبتهم 
 فتحولت تلك المساكن لبؤر لتفشي الوباء ونقل العدوى وتوزيعها مع العمال إلى دائرة أوسع في المجتمع .

 

  • كما أظهر الوباء والبلاء أمراضا اجتماعية وبلايا كانت مخبوءة في النفوس المريضة
فظهرت العنصرية المقيتة في شكل متوحش بغيض لا يمت للإنسانية بصلة ولعل أشهرها ما ظهر من ممثلة مشهورة كبيرة في السن -وقد عانت من اللجوء في الدول المجاورة أيام غزو الكويت - من مطالبتها بطرد الأجانب في مجتمعها والقاؤهم في الصحراء لو تطلب الأمر  في توحش وهمجية لم تكن تخطر على بال ولا حسبان  مع أن هؤلاء أتوا بعقود عمل نظامية وقانونية وليسوا متسللين ولا حرامية .

لقد أظهر الوباء والبلاء التوحش والأمراض النفسية المختبئة داخل أفراد المجتمع  

وكل يوم يمر يظهر المزيد من التوحش والهمجية والإستهتار والعنصرية 

وغيرها من أمراض وبلايا في المجتمعات المختلفة نسأل الله العافية والسلامة . 

كما أظهر البلاء نماذج مشرفة ومضيئة في المجتمعات 

تبذل وتضحي من أجل الله ثم الأوطان ونفع الإنسان

 

·         وكان البلاء في السابق اذا وقع في بلاد أو منطقة سارع المقتدرون والأثرياء وأصحاب النفوذ بالهرب والمغادرة إلى بلاد آمنة مثلما حدث أيام غزو الكويت عندما غادر الكثيرون منطقة الخليج إلى دول العالم وعاشوا حياتهم حتى انتهت الأزمة

أما اليوم فلا مكان للهرب والإختباء بل كل الأماكن التي كان يُهرب إليها  أصبحت بؤرا لتفشي الوباء  بالإضافة إلى منع السفر والتنقل والحظر الجزئي والكلي للحركة  .

فلا مفر من مواجهة البلاء ولا مهرب من الوقوع تحت براثنه ولاعاصم من أمر الله اليوم إلا من رحم

 

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية