الجمعة، 13 فبراير 2015

دفاع عن عمرو خالد وعدنان ابراهيم وكل داعية الى الاسلام على بصيرة

(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:33)
الحقيقة الكبرى الغائبة

الحمد لله ذي الفضل والاحسان والجود والامتنان والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه على مر الأوقات والأزمان.
ما سأكتب عنه في هذه السطور هو خلاصة مايزيد من بضع وعشرين عاما عشتها في معترك الحياة بعقلي ووعي وقد عشت قبلها مثلها ولكنها كانت على الهامش حتى نور الله قلبي وهداني فالحمد لله على نعمائه وما سأذكره  أمر ليس بجديد ولكني عشته وعرفته يقينا وانزاحت عن قلبي بعد معرفته أمورا كثيرة استشعرت فيها قول الله عزوجل عن المؤمنين (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (البقرة:257)
 ورأيت من تمام النعمة وشكرها أن أحدث بها  (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (الضحى:11)
 فسطرت هذه الكلمات في هذا المعنى لعل الله أن ينفع بها إنه سميع مجيب .
لقد عشت سنوات طويلة من عمري مع الاسلاميين بمختلف أطيافهم معايشة متنوعة مع أفكارهم وسلوكهم وكتبهم وأشرطتهم ومقالاتهم ومجلاتهم وفتاويهم ونتاجهم المختلف وقد منّ الله  علي أن جعلني اختزن في ذاكرتي كثيرا مما أسمع وأرى وأقارنه وأحلله بما فتح الله به علي من علم ومعرفة متواضعين أسأل الله أن يزيدني علما
فوجدت أن هناك أمورا واضحة وبدهية غاية في الأهمية ننساها في خضم الأحداث والتفاعل معها وهذا حال الانسان دائما لذا لابد من معاودة التذكير بين آونة وأخرى بشكل أو آخر .
ومن أهم هذه الأمور حقيقة كبرى تغيب عن أذهان المنتمين للتيارات الاسلامية على اختلاف أنواعها ومشاربها ( ألا وهي أن الدعوة دعوة الله عزوجل وأن الله هو المسير لهذه الدعوة وهو الذي يتولى نشرها ونصرتها ، وكل البشر في ذلك أدوات تمضي الأقدار من خلالهم والسعيد من استخدمه الله عزوجل في خدمة دعوته ونصرة دينهم )
  وتظهر ملامح هذا الغياب من خلال مانراه ( بلسان الحال في الغالب )من اعتقاد البعض أن هو الممثل الوحيد للاسلام أو أن الاسلام أصبح مرتبطا به أو أنه هو الذي يرسم الخطط والمسار للاسلام في بلده أو في العالم  أو أن تاريخ الاسلام في هذا البلد أو ذاك أصبح حكرا له أو لطائفته وهي التي تخدم الاسلام فقط والبقية متفرجون ليس لهم دور أو أنه وطائفته هم أصحاب الدور الحقيقي الفاعل في خدمة الاسلام والبقية أصحاب أدوار هامشية ثانوية ليس لها وزن ولا اعتبار ولا تأثير .
كما تظهر ملامح غياب هذه الحقيقة الكبرى من خلال تعظيم الشخصيات أو التيارات الدعوية الكبيرة عند الأتباع والمريدين بحيث تصبح دعوة الله عزوجل وكأنها رهن بهذه الشخصية أو تلك أو هذا التيار أو هذه الجماعة وتغدو الدعوة رهينة الأفكار والكتب والتعليمات التي تركها ذلك الداعية أو المصلح الكبير ويجعلها الأتباع حكما على الدعوة عوضا أن تكون الدعوة حاكمة عليها ، وقد يستمر الأتباع بالالتزام الحرفي لتعاليم وأفكار المصلح والداعية الكبير أو تعليمات الجماعة أكثر من إلتزامهم بما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم  وهذا المسلك الشائن ليس من الرموز الكبيرة ولكنه في أغلبه من جهل الأتباع وقلة فقههم وفهمهم ، وهذا واقع الحال المشاهد وإن نطقت الألسن بخلافه .
كما تظهر ملامح هذا الغياب في بعض التيارات الاسلامية عندما تتنافس أو عندما تختلف مع غيرها في الفهم أو العمل والتطبيق فتجد لسان حالهم يزدري الآخرين أو يقلل من أدوارهم ونفعهم بل ربما وصل الأمر الى تبدعيهم وتفسيقهم وهذا يدل على الغرور الكامن في تلك النفوس ومحاولة احتكار الدعوة أو الوصاية عليها وكأن التيار الفلاني أصبح المتحدث الرسمي للدعوة أو الوكيل الحصري أو الممثل الشرعي والوحيد للدعوة .
بل لسان حال بعض التيارات الاسلامية يقول أنه لايمكن لأحد أن يخدم الدعوة بشكل قوي وفعال إلا من خلال صفوفها والانضواء تحت لوائها بل إن الحال وصل عند البعض أن أصبحت الدعوة أشبه بالملك الشخصي لبعض المتنفذين أو أشبه بالملك الجبري لبعض التيارات فيتم التوارث والاستخلاف تبعا للعصبيات والقرابات والوساطات ولا مجال لأحد أن يتقدم أو ذي كفاءة أن يسهم بجهده فكل المقاعد الأمامية محجوزة مسبقا ؟!
كما تبرز ملامح هذا الغياب إذا مات أحد هذه الرموز الكبيرة أو تنحى لسبب أو لآخر أو اغتيل أو قتل أو أصابته فتنة فتبدو الأمور وكأن الدعوة قد انتهت وقضي عليها ، أو أن الاسلام لن تقوم له قائمة ولن ينصلح الحال إلا بوجود هذه الشخصية ، وقد يفقد البعض الأمل ويظن أن الاسلام قد ولى أوأن المسيرة قد انحرفت الى غير ذلك من الأوهام والأفكار المغلوطة التي تدل على أن الناس يعتقدون أن البشر هم الذين يسيرون الدعوة ويتحكمون فيها .
إن كل مصلح وداعية فردا كان أو جماعة مهما بلغ شأنه وعلت منزلته هو خادم لدعوة الله عزوجل لايملك أن يكون حكما عليها أو مسيرا لها أو محتكرا لها .
إن كل داعية ومصلح كبير لايولد من بطن أمه عالما داعيا بل لابد له من سنوات طويلة حتى يصبح كذلك
 فهل الدعوة تظل هملا حتى يبلغ هذا الداعية أشده ليهتم بشأنها ويعلي أمرها ؟
 وهل سيظل هذا الداعية فردا كان أو جماعة حيا مدى الدهر لتستمر الدعوة ؟
 وهل سيحيط بالدعوة كلها في بلاده وفي غيرها بكل تفاصيلها ؟
وهل يملك القدرة على ذلك ؟
هذه الأسئلة وغيرها تدل بشكل مؤكد أن الأمر لله من قبل ومن بعد وأن هذه دعوة الله عزوجل هو الذي يتولاها بكل تفاصيلها وأن الدعاة على اختلاف مراتبهم وأنواعهم هم جنود لخدمة الدعوة يسخرهم الله عزوجل لخدمتها بما يقدره هو سبحانه وتعالى وليس بما يقدرونه هم ، وهذا ما يغيب عن أذهان الكثيرين عندما تأخذهم زحمة الأعمال ويتناسون هذه الحقيقة الكبرى وليس معنى هذا الكلام ترك التخطيط والتدبير للدعوة بل نبذل جهدنا وما استطعنا ونفوض الأمر لله يدبر الأمر وفق مشيئته وإرادته سبحانه وتعالى ولانجعل الدعوة رهنا بالبشر مهما علت منزلتهم ورتبتهم بل نجعلها رهنا برب البشر فهذا هو الصواب .
وهذا مانطق به الصديق رضي الله عنه بعدوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وثبت به الأمة بأمر الله عزوجل عندما قال ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لايموت ) واستمرت الدعوة وستستمر إلى يوم الدين لأنها مرتبطة بالحي الذي لايموت .
وليس معنى هذا الكلام أن نترك النصيحة وتقويم الأخطاء بل نفعل ذلك وفق المنهج والآداب الاسلامية ثم نفوض الأمر لله وسيتولى هو سبحانه تعالى حماية الدعوة من جهل أبنائها ومن كيد أعدائها ولن نكون سببا في تمزيق الأمة وتعميق الخلاف والفرقة فيها
إن هذا الفهم  يعطي الداعية تصورا واضحا وصحيحا للأمر على حقيقته و يمنح الداعية المؤمن انشراحاً في الصدر واقبالاً على العمل واطمئناناً وقوةً وطاقةً دافعة ايجابية تملأ النفس فالمطلوب منه العمل والبذل والتخطيط والتدبير وبذل الجهد في ذلك ثم الأمر لله من قبل ومن بعد قد يرى الداعية شيئا من نتائج عمله ودعوته وقد لايرى وقد يعجل له شيء من الخير وقد لايعجل  وكم من دعاة بذلوا وضحوا وقتلوا أو ماتوا ولم يروا شيئا مما كانوا يعملون أو يضحون من أجله فالأمور كلها رهن بتقدير العزيز العليم ، وعلى هذا سار الرعيل الأول فقد بذلوا كل مالديهم وتركوا الأمر لصاحب الأمر فأكرمهم الله وبارك جهودهم ونفع بهم وساق الخير على أيديهم للعالم كله .
عندما تعلم يقينا أن هذه الدعوة لله هو مالكها ومسيرها وأن السعيد من استخدمه الله لخدمتها عندها لن تبخس أحدا من المسلمين حقه في الدعوة الى الله ولن تقلل من شأنه ولن تزدريه  كما أن عملك واخلاصك للدعوة لن يرتبط بجماعة أو تيار ويتعصب له بل سيعلو في عينك كل من عمل للدعوة حتى وإن نافسك وخالفك وستفرح بكل من عمل للدعوة وخدمها بصرف النظر عن توجهه وانتمائه ، وستفرح بكل عمل صغير أو كبير في خدمة الدعوة والاسلام جاء من أي جهة أو انسان .
وستشعر بالغبطة والفرح كلما كثرت الجماعات الاسلامية العاملة في الساحة وتنوعت ولن تشعر بالغيرة والحسد الخفي لأن هناك من ينافسك على الساحة وربما تفوق عليك بأساليبه وقدم أفضل منك وأعانه الله وفتح عليه فغدا مشهورا ومعروفا أكثر منك على الرغم أنك أقدم منه في الساحة وأكثر شهادات وألقاب ومناصب منه .
وستسعى للتعاون مع كل فرد أو جماعة لخدمة الاسلام والدعوة وستقدم له الدعم المادي والمعنوي والخبرة والرعاية والنصيحة برحابة صدر وإن لم يكن على منهجك في التفكير والعمل وأيا كان انتماؤه طالما أن هدفه خدمة الاسلام والدعوة لأنك تستشعر أنكم جميعا تعملون لرب واحد وتسلكون نفس الطريق .
وسيحس الجميع أنهم يسيرون باتجاه واحد ويسعون لهدف واحد وسيتشرفون بالعمل لخدمة الدعوة وأن ذلك سهل ميسور متاح للجميع ليس دونه أبواب أو قيود أو تيارات أو جماعات أو غير ذلك من تنافس مذموم وكيد ومكر وتنابز بالألقاب وقدح وذم وغير ذلك من الرذائل التي نشاهدها عند أناس يزعمون أنهم تيارات دعوية اسلامية!!!  .
وإذا ساق الله الخير والهداية على يديك لفرد أو جماعة استشعرت أن الفضل كله لله لأنه أجرى هذا الخير على يديك واستخدمك لنصرة دعوته .
كما أن كثرة الأتباع وامتداد التيار وانتشار الأفكار سيكون فتنة خطيرة  (لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (التوبة:25) وإذا كان الجيل الأول قد ناله من فتنة الإعجاب بالكثرة ماناله فما بالنا اليوم نظن أننا في مأمن من ذلك ؟ وهل لدينا ضمانة أننا معصومون من الوقوع في مثل ذلك أو أسوأ منه ؟؟
فإن علمنا يقينا أن هذه الكثرة والانتشار فتح من الله علينا وخيرٌ ساقه الله على أيدينا للناس وشرفنا بخدمة دعوته واستخدمنا في نصرة شريعته ، زادنا الله من فضله وفتح لنا أبوابا وآفاقا جديدة .
وإن كانت الأخرى التي تسوء ذهبت البركة أو قلّت وانحسرت وأطلت الفتن والانشقاقات برؤوسها وظهر الفساد بأنواعه وأشكاله داخل التيار إلى غير ذلك من عوامل النخر وذهاب الريح  مما هو موجود ومشاهد وقد لايعرف البعض سبب وجوده .
إن الفهم الصحيح يقود لعمل صحيح ونتائج وعواقب صحيحة ، والفهم الخاطيء يقود لعمل خاطيء ونتائج وعواقب وخيمة لايعلم مداها إلا الله عزوجل ، ومتى ما نسي الدعاة هذه الحقيقة الكبرى وركنوا الى التنظيم الدعوي وَكَلَهم الله إلى تنظيماتهم بقدر مانسوا من حقيقة أنه هو صاحب الدعوة وعندئذ ترى من المفاسد في التنظيم ما لا يمكن أن تصدق أنه يمكن أن يأتي من أمثال هؤلاء ، والأمثلة على هذا مستفيضة من الحركات الاسلامية المنحرفة التي وكلها الله الى أنفسها فلا ترى إلا فسادا وإفسادا ويزعمون أنهم دعاة إلى الله ؟؟؟!!!
وأسوق لكم هذا المثال من التاريخ على الحقيقة الغائبة والتاريخ خير شاهد ، لقد قدر الله لي أن أدرس تاريخ الحركة الاسلامية في تركيا فوجدت عجبا ، لقد انهارت الخلافة الاسلامية وجاءت الحكومات العلمانية التي تجاهر بعداءها للاسلام والقرآن والدولة التركية هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحارب الاسلام والقرآن جهارا نهارا في نصوص قوانينها حتى اسرائيل لايوجد فيها مثل ذلك فالأذان باللغة العربية مسموح في اسرائيل ولكنه جريمة في تركيا وكل دعوة للشريعة أو الاسلام جريمة بنص الدستور التركي .
وظن الجميع أن الاسلام لن تقوم له قائمة أبدا في هذه البلاد وماهي الا سنوات حتى بزغ نجم بديع الزمان النورسي ثم قيض الله للدعوة نجم الدين أربكان فأقام الله على يديه بناءها ثم هذا هو أردوغان يكمل المسيرة ... وهكذا بعد سبعين عاما من سقوط الخلافة وتلك القيود والأغلال التي وضعت على الاسلام حتى لا تقوم له قائمة هاهم الاسلاميون يحكمون رغم أنف الكارهين
وقد يقول البعض أن هناك خلافا بين أربكان وأردوغان وأنه حصل انشقاق وما إلى ذلك ولهؤلاء أقول ماحصل أفهمه أنا على أنه دليل واضح على الحقيقة الغائبة التي أذكر بها ، فأربكان خدم الدعوة وبذل لها الكثير ولكن الدعوة لن تسير وفق رؤيا شخص مهما بلغت منزلته ومكانته ، هو أراد للدعوة مسارا بينه في كتبه ومحاضراته وهذا جهده البشري وهو مأجور عليه ، والله أراد للدعوة مسارا آخر لحكمة منه سبحانه وتعالى فلا ينبغي أن نصور الأمر وكأنه نهاية الدعوة أو انحراف عن مسارها فالذي جاء بأربكان وهيأ له الأسباب هو الذي جاء بأروغان وهيأ له الأسباب ، فالدعوة لله عزوجل هو الذي يسيرها ويرسم مسارها ولن يكون ذلك رهنا بأربكان ولا أردوغان ولا غيرهما .
إن الذي رعى الاسلام بعد سقوط الخلافة وذهابها وقبل ذلك أيضا هو الله عزوجل وهو الذي سخر من عباده من يحيها ويقوم بأمرها وسخر لها الأتباع والأنصار حتى غدت شوكة في حلوق الكافرين والمشركين وكما ُوجد النورسي وأربكان وأردوغان سيأتي غيرهم وغيرهم وسيُظهر الله دينه ولو كره المشركون .
هذه هي الحقيقة الغائبة التي نحن في أمس الحاجة لجعلها نصب أعيننا دوما وأبدا لنظل على جادة الحق والصواب .
هذا مالدي فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منه بريئان وأستغفر الله منه 

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية