الاثنين، 15 يناير 2024

بودكاست ( ثمن الحقيقة )

 

تختلف أصناف الناس وتوجهاتهم الفكرية بأختلاف أعراقهم وأنسابهم .

والكلام هنا عن الباحثين عن الحقائق بعيدا عن الصور والأقنعة التي توضع لتغيير الأمور أو تزييفيها أو إظهارها على غير ماهي عليه أو ما أشبه ذلك .

والمعادلة في هذا المسلك من شقين  

 

الأول هو الوصول الى الحقيقة بشكل كامل صحيح  

 وهذا له صور وطرق عديدة منها مايتخذه المرء من مناهج وأساليب للبحث والاطلاع فيهتدي للحقيقة 

ومنها أن يخبره بها الثقات المؤتمنون ويقيمون الأدلة على الحقيقة فيظهر وجه الحقيقة  

ومنها مايسوقه الله على ألسنة الأعداء وأفعالهم فيفضحون بعضهم البعض  فتظهر حقائق ماكانت لتظهر 

وهناك طرق وأساليب أخرى  ....


والثاني هو الموقف المتخذ من الحقيقة التي ظهرت .

ويلخص الدعاء المأثور لأهل القسط القائمين بالحق  ( اللهم أرني الحق حقاً وارزقني اتباعه ، وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه ) يلخص شقي المعادلة .

فكم عرف الحق أناس وتيقنوا منه  لكن لم يحركوا ساكنا تجاهه  مثل الذين عرفوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم حق ولم يؤمنوا به ويتبعوه .

وكم من أناس عرفوا الباطل وتيقنوا منه ولكنهم ظلوا خداما له ومن جنده وأعوانه .

وهذه المعادلة لها أثمان مختلفة تدفع في كلا طرفيها ، فمنها ماهو مجاني وقليل الكلفة  يسوقه الله برحمته وفضله وإحسانه إلى من يشاء من عباده .

وقد يرتفع الثمن الى درجات متفاوتة ابتلاء واختبارا للعباد ليميز الله الخبيث من الطيب والصادق من الكاذب .

وقد يصبح ثمن الحقيقة كالقبض على الجمر  وأكثر  وأعظم منها دفع الأرواح ثمنا لذلك .

ونصيحة عمر بن الخطاب لأبي موسى الأشعري، رضي الله عنهما، في رسم القضاء، والتي يقول فيها:

)لا يمنعك قضاءٌ قضيتَه بالأمس راجعت فيه نفسك، وهُديت فيه لرشدك أن تراجع الحق، فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل ( 

 تمثل جوهر الموضوع  وخلاصة آلاف القصص لأناس ليسوا من الأشرار ولا الفاسدين  ولكنهم  وبعد أن استبان لهم وجه الحق  اختاروا التمادي في الباطل  لأنهم لايستطيعون دفع ثمن الحقيقة .

فبعضهم عاش حياته كلها في مسار تبين له عدم صوابه  فلم يستطع تحمل خسارة كل المكتسبات التي جناها في مساره  فآثر التمادي في الباطل والاستمرار فيما هو فيه .

ويحضرني قوله تعالى ( ثم نكسوا على رؤوسهم ) عندما حاور إبراهيم عليه السلام قومه وأقنعهم أن الأصنام التي يعبدونها لاتملك شيئا  

فاقتنعوا لوهلة وتبينوا أنهم على خطأ واعترفوا بذلك ،  ثم نكسوا على رؤوسهم واختاروا التمادي في الضلال والباطل ونصرة الأصنام .

وهناك نماذج مشرفة مضيئة تعلن أنها مستعدة للتخلي عن كل شيء ولو في آخر لحظة من الحياة إذا استبان لها وجه الحق ولن تبالي بشيء إلا أن تكون تحت راية الحق وفي صفه  ومن جنده .

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .

 

0 تعليقات:

إرسال تعليق

الاشتراك في تعليقات الرسالة [Atom]

<< الصفحة الرئيسية